السنوات الجميلة
أريد أن اروي لك قصتي لك أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري وحين كنت طفلة في التاسعة من عمري ذهبت إلي الشاطيء مع ابي وأمي وشقيقي في اجازة وخلال لهوي مع اخي فوق الرمال لاحظت أمي شيئا غريبا استوقفها في ظهري.. واسرت لأبي بملاحظتها وشكوكها فاتهمها بالوسوسة والخوف المبالغ فيه علي اطفالها لكن أمي لم يهنأ ها بال حتي قامت بعرضي علي أحد الأطباء فطلب اجراء العديد من التحاليل
والأشعات, وفي النهاية قال لوالدتي انها أم ممتازة لأنها قد لاحظت شيئا قد تفوت ملاحظته علي الكثيرين, وصارحها بانني مصابة بعيب خلقي في العمود لفقري عبارة عن اعوجاج في بعض فقراته من الأسفل إلي الأعلي وانها حالة نادرة لكنها تتطلب اجراء جراحة عاجلة لعلاجها والا فانها سوف تتفاقم ويزداد
الاعوجاج وينتهي بالتفاف العمود الفقري حول الرئتين والوفاة.وانهارت أمي حين سمعت ذلك, وارادت ان تتأكد من صحته فعرضتني علي اربعة اطباء آخرين اكدوا لها صحة هذا التشخيص, وحذروها من التأخر في اجراء الجراحة, وانتهي
والأشعات, وفي النهاية قال لوالدتي انها أم ممتازة لأنها قد لاحظت شيئا قد تفوت ملاحظته علي الكثيرين, وصارحها بانني مصابة بعيب خلقي في العمود لفقري عبارة عن اعوجاج في بعض فقراته من الأسفل إلي الأعلي وانها حالة نادرة لكنها تتطلب اجراء جراحة عاجلة لعلاجها والا فانها سوف تتفاقم ويزداد
الاعوجاج وينتهي بالتفاف العمود الفقري حول الرئتين والوفاة.وانهارت أمي حين سمعت ذلك, وارادت ان تتأكد من صحته فعرضتني علي اربعة اطباء آخرين اكدوا لها صحة هذا التشخيص, وحذروها من التأخر في اجراء الجراحة, وانتهي
الأمرباختيار احد الجراحين لاجراء العملية ودخلت المستشفي قبل موعدها باسبوع لاجراء المزيد من الفحوص والتحاليل, وذات يوم جاءت إلي الممرضة التي كانت ترعاني في المستشفي ـ واصطحتبتني معها وفي الطريق عبر ممرات المستشفي نظرت إلي باشفاق ثم سألتني: هل تحفظين الفاتحة؟ وإجبتها بالايجاب فطلبت مني ان أقرأها واكرر قراءتها طوال سيرنا في الممرات, وفي احدي الغرف طلبت مني
الممرضة خلع ملابسي, وارتداء قميص ابيض ووضع بونية من البلاستيك فوق رأسي وفعلت ماطلبت ثم قادتني إلي غرفة اخري يسودها اللون الأخضر في الحوائط والاثاث, ويقف بها رجال يرتدون معاطف خضراء اللون, ابتسموا جميعا في وجهي ثم اقترب مني احدهم وطلب مني ان يري يدي فمددتها له فوخزني بابرة في كفي الصغيرة, ولم تمض دقائق حتي كنت قد غبت عن الوعي لفترة لاأدريها, وأفقت من غيبتي فوجدت ابي وأمي حولي وهما يبتهلان إلي الله حمدا وشكرا علي سلامتي, وعرفت انه قد اجريت لي الجراحة المطلوبة ووجدتني لا اقوي علي تحريك
قدمي واستمر الحال هكذا شهرا كاملا وتبين انني قدا اصبتبشلل مؤقت وغادرت المستشفي وأخي يدفعني امامه علي الكرسي المتحرك, وأمضيت أيامي حبيسه البيت اجلس في الشرفة أرقب الأطفال وهم يلهون ويجرون في الشارع ولا أعرف سببا لعجزي عن أن أفعل مثلهم, وقبل ان يتمكن اليأس والاحباط مني جاء ابي وأمي لي لطبيب متخصص في العلاج الطبيعي, فراح يعلمني علي مدي ثلاثة شهور بصبر واخلاص
المشي كما يعلم الانسان طفلا يبدأ عامه الثاني, إلي أن استطعت المشي بالفعل وسعدت بذلك كثيرا لكن ذلك لم يكن نهاية المعاناة وانما بدأت رحلة أخري من العذاب, فلقد قام الجراح بوضع شرائح معدنية ومسامير لسند العمود الفقري بعد الجراحة, ولم يتقبل جسدي هذه الأجسام الغريبة فكونت خلاياه صديدا الجرح وداخله,وتطلب الأمر اجراء8 عمليات جراحية أخري لي علي مدي حوالي5 سنوات, كان آخرها لتكسير عظام الحوض وأخذ أجزاء منها لسند العمود الفقري حتي لايقوم الجسم بافراز صديد جديد حوله, وشاءت الأقدار لي في آخر هذه العمليات ان تقع زجاجة صبغة اليود من يد الطبيب المساعد, فيسقط السائل
الحارق علي وجهي ورقبتي ويصيبها بالحروق,
وطوال هذه الأعوام الخمسة لم أتخلف عن مواصلةالدراسة, وبعد انتهائها بسلام اجتزت الثانوية العامة والتحقت بكلية نظريةمرموقة ووفقني الله في النجاح والحصول علي شهادتها بتقدير جيد جدا, وكانذلك من فضل الله وبفضل أبي وأمي اللذين لم يدخرا وسعا في رعايتي وعلاجي فيأفضل المستشفيات وعرضي علي أكبر الأطباء, فإذا كنت قد اسيت لشيء في كل ما لقيت من عناء, فعلي أنني لم استمتع بالسنوات الجميلة في حياة كل ابنه ـ أو ابن, فلم استمتع ببراءة الطفولة ولا شقاوة سنوات المراهقة, ودخلت مرحلة الشباب والدراسة الجامعية وأنا اخشي العلاقات الاجتماعية حتي لا أضع نفسي موضع تساؤل قد يحرجني كما لم أفكر في الارتباط بأي شاب حتي لا أثير موضوع الجراحات مع أحد, إلي أن ساق القدر لي وأنا في السنة النهائية بالجامعة زميلا لي في نفس القسم عبر لي عن إعجابه بي وانبهاره بهدوئي ورقتي وصارحني برغبته في الارتباط الرسمي بي, ففتح بذلك باب الأمل أمامي, ودعم ثقتي به وشجعني ذلك علي أن أروي له قصتي مع الجراحات التي أجريتها واستقبل هو كل ذلك بهدوء تام, لكن والدته قابلت رغبته في الارتباط بي بإعلان الحداد العام وعارضت اختياره لي وإصراره علي الارتباط بي بشدة متناهية واتهمته بأنه
يحب فتاة قد تكون عاجزة أو معوقة ولم يكن ذلك صحيحا لأن هذه الجراحات أجريت لي منذ عشر سنوات, ولم يكن من الرحمة أو العدل أن تعاقبني علي ما لا ذنب لي فيه, كما أهانتني والدته سامحها الله وأهانت أسرتي بدلا من أن تقدر لأبي وأمي ما بذلاه من جهد في رعايتي وعلاجي وإسعادي وصورت الموقف علي انني قد
نصبت لابنها فخا وقع فيه باستدراري لعطفه لكي يرتبط بي, وانتهي الأمر بأن عجز هذا الشاب عن تحمل ضغوط أمه عليه, فاعتذر لي عما سببه من آلام وغادر البلاد كلها للعمل في الخارج.
فإذا كنت قد وجدت في نفسي القدرة علي أن أروي لك قصتي هذه فلكي اقدم لأبي وأمي اطال الله عمريهما بعض ما يستحقانه من شكر وعرفان لما قدماه لي من عناية واهتمام وحنان لو ظللت بقية العمر اشكرهما
علي ما قدماه لي فلن افيهما بعض حقهما علي, ولا أملك إلا أن ادعو الله سبحانه وتعالي ان يحفظهما من كل سوء ويهبهما الصحة وطول العمر, وكذلك لكي اقول لك ولقرائك ان الايمان بالله وقوة الارادة, كانا السر الحقيقي فيما أنا فيه الآن من نعمة الصحة والتوفيق في الدراسة, والحياة السعيدة بين أبي
وأمي وأخي حفظهم الله لي,
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
إذا كنت تأسين علي سنوات العمر الجميلة التي تبددت في المعاناة والآلام, فلسوف تهديك الأقدار الرحيمة ما هو أجمل
منها في قادم الايام بإذن الله, ولسوف تنهال عليك جوائز السماء فتمسح علي كل الاحزان وتعوضك عن كل ما قاسيت من آلام, ولا عجب في ذلك يا آنستي, فأنت تملكين كل مؤهلات السعادة والتوفيق في الحياة إن شاء الله ـ ومن أهمها
هذه النفس الرضية الراضية باقدارها وبكل ما تحمله اليه امواج الحياة, وهذا القلب العطوف الذي يتسع لحب الابوين والأخ الوحيد ويذكر لهم كل ما قدموه له.. ويتفاءل بالحياة بالرغم مما شهدته رحلة العمر من بعض
الاحزان.كما انك يا آنستي قد دفعت ضريبة الألم مبكرا واستوفيت حتي الآن
نصيبك من المعاناة, وكل ذلك لابد له ان يرشحك لنيل نصيبك العادل من السعادة والهناء, ولم يبق لك إلا انتظار الأقدار السعيدة والتهيؤ لاستقبالها قريبا بإذن الله., ولسوف تكون سعادتك حقيقية كما كانت آلامك من قبل
حقيقية.فهنيئا لك يا ابنتي بتاج الوفاء الذي تحملينه الآن علي رأسك
وهنيئا لك بما سوف يرشحك له من سعادة وتوفيق في الحياة بإذن الله. فإذا كانت تجربة الارتباط الأولي في حياتك قد خلفت وراءها بعض الجراح, فلعل الأقدار تدخرك لمن هو أحق بك وأقدر علي إسعادك من الجميع, وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم الله وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون صدق الله العظيم..
منها في قادم الايام بإذن الله, ولسوف تنهال عليك جوائز السماء فتمسح علي كل الاحزان وتعوضك عن كل ما قاسيت من آلام, ولا عجب في ذلك يا آنستي, فأنت تملكين كل مؤهلات السعادة والتوفيق في الحياة إن شاء الله ـ ومن أهمها
هذه النفس الرضية الراضية باقدارها وبكل ما تحمله اليه امواج الحياة, وهذا القلب العطوف الذي يتسع لحب الابوين والأخ الوحيد ويذكر لهم كل ما قدموه له.. ويتفاءل بالحياة بالرغم مما شهدته رحلة العمر من بعض
الاحزان.كما انك يا آنستي قد دفعت ضريبة الألم مبكرا واستوفيت حتي الآن
نصيبك من المعاناة, وكل ذلك لابد له ان يرشحك لنيل نصيبك العادل من السعادة والهناء, ولم يبق لك إلا انتظار الأقدار السعيدة والتهيؤ لاستقبالها قريبا بإذن الله., ولسوف تكون سعادتك حقيقية كما كانت آلامك من قبل
حقيقية.فهنيئا لك يا ابنتي بتاج الوفاء الذي تحملينه الآن علي رأسك
وهنيئا لك بما سوف يرشحك له من سعادة وتوفيق في الحياة بإذن الله. فإذا كانت تجربة الارتباط الأولي في حياتك قد خلفت وراءها بعض الجراح, فلعل الأقدار تدخرك لمن هو أحق بك وأقدر علي إسعادك من الجميع, وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم الله وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون صدق الله العظيم..