قبل ان ابدا خطابي اليك اريد ان انوه بما كان ومازال لبريد الجمعه من اثر في حياتي الشخصيه خلال سنين طويله, حيث انتظرت ثلاث سنوات باكملها لكي اعرف نهايه قصتي ثم اكتب لك عنها..
وفي البدايه فانني فتاه في السادسه والعشرين من عمري, ولقد شاءت لي الاقدار ان اقرا في بابك منذ ست سنوات قصه بعنوان الخط الاحمر لفتاه روت لك انها قد تخلت عن حبيب عمرها الذي ارتبطت به سنوات عديده لضعف امكاناته الماديه.. واستجابت لاغراء الماده والعريس الجاهز الذي تعهدها الحياه معه بالرفاهيه والراحه بلا معاناه ولا صبر علي سنوات البدايه, وكيف انكسر قلب فتاها الذي احبها بصدق وحلم بالارتباط بها ولم يسيء اليها في شيء, ولم يرتكب جرما سوي انه شاب في بدايه حياته كغيره من الشباب ويحتاج الي عده سنوات من الكفاح لكي يبني حياته ويتزوجها, فكان ان هجرته لتتزوج بمن لاتعرفه ولم تجتذبها اليه سوي مظاهر ثرائه, بعد ان استمعت الي صوت العقل, وسخرت من حكايه الكفاح لبناء عش الحب الذي كان يطالبها به فتاها وهو يتوسل اليها باكيا ومتذللا لكيلا تتركه, فتغرقت بهما الطرق فاذا به خلال سنوات قليله يحقق نجاحه العملي في الحياه وتنفتح له ابواب الرزق الحلال, ويصبح جاهزا لان يتزوج اي فتاه كفتاته الغادره مهما تكن الاعباء.. اما هي فقد فشلت في حياتها الزوجيه ولقيت من الشقاء وسوء المعامله من زوجها مادفعها دفعا لطلب الانفصال يائسه من اي امل في الاصلاح, وطلقت منه بعد سنوات قليله, ورجعت الي بيت ابيها وفي يدها طفل حائر, واشتبكت مع زوجها السابق في منازعات قضائيه لا نهايه لها, وبغير ان تحصل علي شيء من حقوقها الماديه.. او تنعم بالحياه الناعمه التي هجرت فتاها من اجلها, ثم كتبت اليك تناشدك ان تكتب الي حبيب العمر الذي لم يكن قد تزوج بعد عند نشر الرساله متسائلا هل يمكن ان يغفر لها خيانه الحب من اجل المال ويعيد اجتماع شملهما مره اخري, بعد ان تلقت اقسي الدروس وشعرت باكبر الندم علي تخليها عنه؟..
ولامر مالم يكن واضحا في ذهني وقتها, وجدت نفسي اقتطع الصفحه التي تضم هذه القصه واحتفظ بها في دفتري, ثم اعيد من حين لاخر قراءه ردك علي هذه السيده وكلماتك لها عن الاشياء التي لاتعوض والاشياء التي يمكن تعويضها او الصبر علي نقصها في حياه الانسان, ولا ابالغ اذا قلت لك انني قرات هذه الكلمات عشرات المرات, وكاني كنت اشعر في داخلي بانها سيكون لها اثر ما ذات يوم في حياتي, ومنذ ثلاث سنوات التحقت بالدراسات العليا بالكليه النظريه التي تخرجت فيها, وكنت احيا حياه سهله مريحه ولا اعاني من اي مشكلات ماديه او انسانيه, فابي يعمل بالخارج منذ اثني عشره عاما, وانا اذهب الي الكليه بالسياره الخاصه, ولي صحبه من الصديقات من نفس مستواي المادي والاجتماعي, نمضي معا اسعد الاوقات, ومع بدايه العام الدراسي لاحظت ان معنا شابا خفيف الظل ومحترما ووقورا ومتفوقا في دراسته واساتذتنا يعرفونه ويحبونه لتفوقه ولشخصيته المحترمه بين الزملاء, وعرفت انه معيد باحد اقسام الكليه ويدرس معنا للحصول علي الماجستير, ويوما بعد يوم اكتشفنا ان هناك صفات كثيره مشتركه تجمع بيننا, وبدا كل منا يقترب من الاخر وينجذب اليه, لكن تحفظا ما لا ادري كنهه جعله يحجم عن مصارحتي بمشاعره التي لاتخطئها عيني كلما التقينا في الجامعه, وذات يوم وجدتني اساله بصراحه هل هو مرتبط بفتاه اخري؟ فاجابني بالنفي فوجدت نفسي اوجه اليه سوالا اذهله سماعه مني وعقد لسانه فلم يستطع الرد علي الفور, اذ سالته فجاه: لماذا لم يصارحني بحبه حتي الان؟ فنظر الي الشاب مذهولا للحظات ثم تمالك نفسه واجابني بانه لم يسمح لنفسه بان يعشمني بشيء لايستطيع الوفاء به, فهو كما قال لي في شيء من الانكسار لايملك من حطام الدنيا سوي مرتبه الحكومي من الجامعه, الي جانب عائد بسيط من عمل مسائي يقوم به, وليست لديه شقه للزواج ولا يملك اي كماليات ولا يقدر علي اعباء الزواج, ووالده رجل بسيط لايملك مايساعده به واخوته واخواته كلهم كذلك وان كانوا جميعا جامعيين ولهم مراكزهم الاجتماعيه المرموقه.. فكيف يسمح لنفسه ان يصارحني بمشاعره وهو غير كفء لي من الناحيه الماديه.. ولا يستطيع ان يتوج مشاعره هذه بالزواج!
ولن احكي لك عن حجم المعاناه التي عانيناها طوال هذه السنوات الثلاث مع اهلي واهله ومع دراستنا, فلقد عارض الاهل علي الجانبين في الانتظار لمده ثلاث سنوات, ثم وافق الجميع في النهايه حين لمسوا تمسك كل منا بالاخر, واتفقت مع اهلي علي انني سوف ابني بيتي مع من احب جدارا جدارا وانني سعيده بذلك, فسلم لنا الاهل بما اردنا.. ومنحونا بعد المعارضه التاييد, ومضت السنوات الثلاث ونحن نتشارك في اعباء الدراسه ونتبادل التشجيع وتهوين الطريق علينا, الي ان انتهينا بعد عناء شديد من دراستنا, وحصل كل منا علي درجته العلميه وبدانا سعينا للعمل, وطلبت بعض الدول العربيه تخصصاتنا وذهبنا الي السفارات لنجري المقابلات الشخصيه وقلوبنا واجفه تتضرع الي الله ان يحقق امالنا فلم يردنا الله خائبين.. وجاءنا سبحانه وتعالي بالبشري.. فاسرعنا نعقد قراننا ونحتفل باجتماع شملنا في اضيق الحدود, وانهينا استعداداتنا سريعا للسفر.. وسافرنا, وها انا اكتب لك الان بعد ان اصبح لي عش صغير في هذا البلد الجميل الذي سافرت اليه مع زوجي, لكي اقول لقرائك: ان الله مع الصابرين اذا صبروا.. واقول لكل شاب ان الله سبحانه وتعالي قد اوجد له الرزق, لكنه لابد ان يسعي اليه بالكفاح والصبر وتحمل مشاق الطريق بلا كلل ولا ياس.. ولكل فتاه: ان عليها ان تحسن اختيار شريك حياتها والا تختاره علي اساس امكاناته الماديه فقط, لان الله هو الرزاق.. ولسوف يرزقها سبحانه وتعالي بقدر صبرها وكفاحها وتمسكها بدينها ومبادئها, ولكي اقول ايضا لكل ام واب ان يحثوا بناتهم علي الكفاح مع ازواجهن ليشعرن بقيمه الحياه لان ماياتي بالعرق والكفاح لاتذروه الرياح, واخيرا ياسيدي فانني اعيش الان اجمل ايام حياتي في ظل انسان عطوف وحنون وصادق الحب, وكل ذلك بفضل توجيهات بريد الجمعه ونظراته في الحياه وبفضل تلك الصفحه القديمه, منه التي مازلت احتفظ بها حتي الان واعتبرها دليلي للسعاده والامان في الحياه باذن الله.. ولقد اعتزمت ان اكتب منذ بدايه قصتي معه واستنصحك, ثم رايت ان انتظر كما قلت لكي اعرف نهايه قصتي مع شريكي.. ثم ارويها لك.. فشكرا علي صبرك علي قراءتها مع تمنياتي الصادقه لكل قرائك بالسعاده والوئام..
ولكاتبه هذه الرساله اقول:
-----------------------------------------------------------------------------------
انها ليست نهايه القصه كما تتصورين ياسيدتي, وانما هي بدايتها الحقيقيه لانها بدايه سنين مديده وعديده باذن الله من السعاده والحب الصافي والعطف المتبادل والسعي النبيل المشترك الي تحقيق اهداف الحياه, اما ماسبق هذه البدايه فقد كان ارهاصاتها التي رشحتكما لهذه البدايه السعيده, بكل ما تحملتما خلالها من عناء وصبر وثبات علي اختيار كل منكما للاخر, والحب كالذهب يختبر, بنار الصبر والاصرار والكفاح, فيصفو من شوائبه, ويتوهج القه..
ولقد اسعدني في رسالتك الجميله هذه انك قد استلهمت الحكمه الحقيقيه في التمييز بين مايستحق ان يسعي اليه الانسان ويتحمل العناء من اجله, وما لايستحق ان يبذل قطرات الدم والدموع سعيا وراء سرابه او اعتقادا بانه الطريق الوحيد الي السعاده. والزواج كما يقول لنا فضيله الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله ليس عشقا لمفاتن الانثي او وسامه الرجل وانما هو اقامه بيت علي السكينه والاداب العائليه والاجتماعيه في اطار من الايمان بالله والعيش وفقا لتعاليمه.
فاذا كان الامر كذلك, ونحن نعرف ما لنداء الغريزه من اثر وقوه, فهو بكل تاكيد ليس ايضا شركه تجاريه يكون معيار التفاضل الوحيد بينها وبين غيرها من الشركات هو مركزها المالي وقيمه اصولها وحجم ارصدتها..
وانت حين اخترت الحب والصبر والكفاح.. واعتمدت في اختيارك علي المعايير الاخلاقيه والانسانيه والعاطفيه بغض النظر عن الموقف المالي لشريك الحياه المنتظر, انما كنت تتبعين تعاليم دينك, وتستهدين بهديه في الاختيار والترجيح, ويكفيك شرفا وحكمه انك قد اخترت شريكك في الحياه بنفس المعيار الذي اختارت به السيده خديجه رضي الله عنها سيد البشر اجمعين صلوات الله وسلامه عليه, وهو شرف الاخلاق والسجايا والعاطفه النبيله, وليس شرف المال الذي لاينكر احد قيمته, لكنه لايصح ان يكون معيار التفاضل الوحيد بين البشر, ولا ان يعلو علي كل القيم الدينيه والاخلاقيه والعاطفيه عند الاختيار. ولقد خطب ابوطالب عم النبي السيده خديجه من ورقه بن نوفل او من عمها عمرو في روايه اخري, فلم يعدد املاكه او ضياعه وانما قال: ان محمدا لايوازن به فتي من قريش الا رجحه شرفا ونبلا وفضلا, فان كان في المال قل, فانما المال ظل زائل وعاريه مسترجعه!.. والامام بن حزم يروي لنا في كتابه الجميل طوق الحمامه, ان احد الولاه قد جلس الي اصحابه يتسامرون ذات ليله فسالهم: من اسعد الناس؟ فبادره احدهم قائلا: انت ايها الوالي!.. فاجابه: واين ما اكابده من قياده الجيوش وتنفيذ اوامر الخليفه؟ فقال اخر: اذن هو الخليفه! فاجابه: واين مايقاسيه من الثوار الذين يخرجون علي طاعته؟ فساله اصحابه: فمن اذن؟.. فقال: اسعد الناس زوجان في كوخ رزقهما قليل, لكنه لاينقطع يحب احدهما الاخر, قد رضيت به زوجته.. ورضي هو بها ولا يعرف الوالي ولا يعرفه الوالي!
ولا عجب في ذلك ياسيدتي, لان السعاده الحقيقيه هي الهدف الجوهري الذي يسعي اليه الانسان ويشتريه لو استطاع بافدح الاثمان, ولان المال والامكانات الماديه لم يسعدا وحدهما احدا من قبل اذا افتقد في حياته السلام العائلي والحب الصادق والفهم والعطف والحرص المتبادل بين الطرفين علي تيسير الحياه علي كل منهما واشعاره بالامان والثقه بالنفس والغد. ولقد قرات ذات يوم كلمه حكيمه للاديبه الفرنسيه سيمون دي بوفوار تقول فيها: سعيد من يستطيع ان ينظر الي حقيقه حياته فيرضي عنها, وينظر في وجه شريكه في الحياه فيري فيه هذه الحقيقه ويسعد بما راه.. فكم انسانا في الحياه يستطيع ان ينظر الي حقيقه حياته ويرضي عنها وينظر الي وجه شريكه في الرحله فيري فيه هذه الحقيقه ويسعد بها؟.. وكم من سهام طاشت ولم تصب اهدافها لا لسوء التسديد وانما لسوء اختيار الاهداف الجوهريه التي ينبغي ان يتوجه اليها المرء بسعيه وجهده وكفاحه من البدايه.. لقد احسنت اختيار الهدف ياسيدتي.. ودفعت ثمن حسن الاختيار من سنين الصبر والكفاح.. فكان عدلا من السماء ان تويد حسن اختيارك بالنجاح والتوفيق والسعاده.. فهنيئا لك كل ما تستحقين من سعاده وامان.. وبشري لمن ينتظر باذن رب العالمين..
ولامر مالم يكن واضحا في ذهني وقتها, وجدت نفسي اقتطع الصفحه التي تضم هذه القصه واحتفظ بها في دفتري, ثم اعيد من حين لاخر قراءه ردك علي هذه السيده وكلماتك لها عن الاشياء التي لاتعوض والاشياء التي يمكن تعويضها او الصبر علي نقصها في حياه الانسان, ولا ابالغ اذا قلت لك انني قرات هذه الكلمات عشرات المرات, وكاني كنت اشعر في داخلي بانها سيكون لها اثر ما ذات يوم في حياتي, ومنذ ثلاث سنوات التحقت بالدراسات العليا بالكليه النظريه التي تخرجت فيها, وكنت احيا حياه سهله مريحه ولا اعاني من اي مشكلات ماديه او انسانيه, فابي يعمل بالخارج منذ اثني عشره عاما, وانا اذهب الي الكليه بالسياره الخاصه, ولي صحبه من الصديقات من نفس مستواي المادي والاجتماعي, نمضي معا اسعد الاوقات, ومع بدايه العام الدراسي لاحظت ان معنا شابا خفيف الظل ومحترما ووقورا ومتفوقا في دراسته واساتذتنا يعرفونه ويحبونه لتفوقه ولشخصيته المحترمه بين الزملاء, وعرفت انه معيد باحد اقسام الكليه ويدرس معنا للحصول علي الماجستير, ويوما بعد يوم اكتشفنا ان هناك صفات كثيره مشتركه تجمع بيننا, وبدا كل منا يقترب من الاخر وينجذب اليه, لكن تحفظا ما لا ادري كنهه جعله يحجم عن مصارحتي بمشاعره التي لاتخطئها عيني كلما التقينا في الجامعه, وذات يوم وجدتني اساله بصراحه هل هو مرتبط بفتاه اخري؟ فاجابني بالنفي فوجدت نفسي اوجه اليه سوالا اذهله سماعه مني وعقد لسانه فلم يستطع الرد علي الفور, اذ سالته فجاه: لماذا لم يصارحني بحبه حتي الان؟ فنظر الي الشاب مذهولا للحظات ثم تمالك نفسه واجابني بانه لم يسمح لنفسه بان يعشمني بشيء لايستطيع الوفاء به, فهو كما قال لي في شيء من الانكسار لايملك من حطام الدنيا سوي مرتبه الحكومي من الجامعه, الي جانب عائد بسيط من عمل مسائي يقوم به, وليست لديه شقه للزواج ولا يملك اي كماليات ولا يقدر علي اعباء الزواج, ووالده رجل بسيط لايملك مايساعده به واخوته واخواته كلهم كذلك وان كانوا جميعا جامعيين ولهم مراكزهم الاجتماعيه المرموقه.. فكيف يسمح لنفسه ان يصارحني بمشاعره وهو غير كفء لي من الناحيه الماديه.. ولا يستطيع ان يتوج مشاعره هذه بالزواج!
وتفكرت في كلامه كثيرا ووجدته محقا فيه.. وانقطعت عن الذهاب الي الجامعه لعده ايام استغرقت خلالها في التفكير وتساءلت مرارا كيف سيقبل اهلي حقا بشاب لايملك اربعه جدران يمكن ان اعيش فيها.. واتخذت قراري بعد تفكير عميق بان نظل زميلين يتبادلان الاحترام كما كنا, والا تتجاوز صلتي به هذه الحدود.. ورجعت للجامعه بهذه النيه, غير ان قراري سرعان ماذاب في حراره لقائه بي ولهفته لرويتي وتساولاته عن سبب انقطاعي عن دراستي.. ووجدته قد اعد لي كل مافاتني من محاضرات, فلم اتمالك مشاعري.. ووجدتني اصارحه بحبي له وهو يصارحني بحبه العميق لي.. وجلسنا معا بعض الوقت خارج قاعه المحاضرات, وانا اشعر اننا نعيش لحظه حاسمه من اجمل لحظات العمر, ورجعت الي البيت واخرجت الصفحه القديمه من بريد الجمعه.. واعود لقراءتها واتوقف امام كلمات الندم التي سطرتها كاتبه الرساله علي فقدها لحب العمر, واعيد قراءه كلماتك عن الاشياء التي تستحق ان نصبر ونبذل العرق والدموع من اجلها, الي ان يحين قطافها, لانها اذا ضاعت منا فلا شيء يعوضنا عنها.. وحسمت امري علي الصبر والانتظار وتحمل ضريبه السعاده التي ارجوها لنفسي, وكانت العقبه الرئيسيه امامنا هي ضروره الانتظار لمده ثلاث سنوات لحين الانتهاء من الدراسات العليا, ثم نبدا خطواتنا معا علي طريق المستقبل.
ولن احكي لك عن حجم المعاناه التي عانيناها طوال هذه السنوات الثلاث مع اهلي واهله ومع دراستنا, فلقد عارض الاهل علي الجانبين في الانتظار لمده ثلاث سنوات, ثم وافق الجميع في النهايه حين لمسوا تمسك كل منا بالاخر, واتفقت مع اهلي علي انني سوف ابني بيتي مع من احب جدارا جدارا وانني سعيده بذلك, فسلم لنا الاهل بما اردنا.. ومنحونا بعد المعارضه التاييد, ومضت السنوات الثلاث ونحن نتشارك في اعباء الدراسه ونتبادل التشجيع وتهوين الطريق علينا, الي ان انتهينا بعد عناء شديد من دراستنا, وحصل كل منا علي درجته العلميه وبدانا سعينا للعمل, وطلبت بعض الدول العربيه تخصصاتنا وذهبنا الي السفارات لنجري المقابلات الشخصيه وقلوبنا واجفه تتضرع الي الله ان يحقق امالنا فلم يردنا الله خائبين.. وجاءنا سبحانه وتعالي بالبشري.. فاسرعنا نعقد قراننا ونحتفل باجتماع شملنا في اضيق الحدود, وانهينا استعداداتنا سريعا للسفر.. وسافرنا, وها انا اكتب لك الان بعد ان اصبح لي عش صغير في هذا البلد الجميل الذي سافرت اليه مع زوجي, لكي اقول لقرائك: ان الله مع الصابرين اذا صبروا.. واقول لكل شاب ان الله سبحانه وتعالي قد اوجد له الرزق, لكنه لابد ان يسعي اليه بالكفاح والصبر وتحمل مشاق الطريق بلا كلل ولا ياس.. ولكل فتاه: ان عليها ان تحسن اختيار شريك حياتها والا تختاره علي اساس امكاناته الماديه فقط, لان الله هو الرزاق.. ولسوف يرزقها سبحانه وتعالي بقدر صبرها وكفاحها وتمسكها بدينها ومبادئها, ولكي اقول ايضا لكل ام واب ان يحثوا بناتهم علي الكفاح مع ازواجهن ليشعرن بقيمه الحياه لان ماياتي بالعرق والكفاح لاتذروه الرياح, واخيرا ياسيدي فانني اعيش الان اجمل ايام حياتي في ظل انسان عطوف وحنون وصادق الحب, وكل ذلك بفضل توجيهات بريد الجمعه ونظراته في الحياه وبفضل تلك الصفحه القديمه, منه التي مازلت احتفظ بها حتي الان واعتبرها دليلي للسعاده والامان في الحياه باذن الله.. ولقد اعتزمت ان اكتب منذ بدايه قصتي معه واستنصحك, ثم رايت ان انتظر كما قلت لكي اعرف نهايه قصتي مع شريكي.. ثم ارويها لك.. فشكرا علي صبرك علي قراءتها مع تمنياتي الصادقه لكل قرائك بالسعاده والوئام..
ولكاتبه هذه الرساله اقول:
-----------------------------------------------------------------------------------
انها ليست نهايه القصه كما تتصورين ياسيدتي, وانما هي بدايتها الحقيقيه لانها بدايه سنين مديده وعديده باذن الله من السعاده والحب الصافي والعطف المتبادل والسعي النبيل المشترك الي تحقيق اهداف الحياه, اما ماسبق هذه البدايه فقد كان ارهاصاتها التي رشحتكما لهذه البدايه السعيده, بكل ما تحملتما خلالها من عناء وصبر وثبات علي اختيار كل منكما للاخر, والحب كالذهب يختبر, بنار الصبر والاصرار والكفاح, فيصفو من شوائبه, ويتوهج القه..
ولقد اسعدني في رسالتك الجميله هذه انك قد استلهمت الحكمه الحقيقيه في التمييز بين مايستحق ان يسعي اليه الانسان ويتحمل العناء من اجله, وما لايستحق ان يبذل قطرات الدم والدموع سعيا وراء سرابه او اعتقادا بانه الطريق الوحيد الي السعاده. والزواج كما يقول لنا فضيله الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله ليس عشقا لمفاتن الانثي او وسامه الرجل وانما هو اقامه بيت علي السكينه والاداب العائليه والاجتماعيه في اطار من الايمان بالله والعيش وفقا لتعاليمه.
فاذا كان الامر كذلك, ونحن نعرف ما لنداء الغريزه من اثر وقوه, فهو بكل تاكيد ليس ايضا شركه تجاريه يكون معيار التفاضل الوحيد بينها وبين غيرها من الشركات هو مركزها المالي وقيمه اصولها وحجم ارصدتها..
وانت حين اخترت الحب والصبر والكفاح.. واعتمدت في اختيارك علي المعايير الاخلاقيه والانسانيه والعاطفيه بغض النظر عن الموقف المالي لشريك الحياه المنتظر, انما كنت تتبعين تعاليم دينك, وتستهدين بهديه في الاختيار والترجيح, ويكفيك شرفا وحكمه انك قد اخترت شريكك في الحياه بنفس المعيار الذي اختارت به السيده خديجه رضي الله عنها سيد البشر اجمعين صلوات الله وسلامه عليه, وهو شرف الاخلاق والسجايا والعاطفه النبيله, وليس شرف المال الذي لاينكر احد قيمته, لكنه لايصح ان يكون معيار التفاضل الوحيد بين البشر, ولا ان يعلو علي كل القيم الدينيه والاخلاقيه والعاطفيه عند الاختيار. ولقد خطب ابوطالب عم النبي السيده خديجه من ورقه بن نوفل او من عمها عمرو في روايه اخري, فلم يعدد املاكه او ضياعه وانما قال: ان محمدا لايوازن به فتي من قريش الا رجحه شرفا ونبلا وفضلا, فان كان في المال قل, فانما المال ظل زائل وعاريه مسترجعه!.. والامام بن حزم يروي لنا في كتابه الجميل طوق الحمامه, ان احد الولاه قد جلس الي اصحابه يتسامرون ذات ليله فسالهم: من اسعد الناس؟ فبادره احدهم قائلا: انت ايها الوالي!.. فاجابه: واين ما اكابده من قياده الجيوش وتنفيذ اوامر الخليفه؟ فقال اخر: اذن هو الخليفه! فاجابه: واين مايقاسيه من الثوار الذين يخرجون علي طاعته؟ فساله اصحابه: فمن اذن؟.. فقال: اسعد الناس زوجان في كوخ رزقهما قليل, لكنه لاينقطع يحب احدهما الاخر, قد رضيت به زوجته.. ورضي هو بها ولا يعرف الوالي ولا يعرفه الوالي!
ولا عجب في ذلك ياسيدتي, لان السعاده الحقيقيه هي الهدف الجوهري الذي يسعي اليه الانسان ويشتريه لو استطاع بافدح الاثمان, ولان المال والامكانات الماديه لم يسعدا وحدهما احدا من قبل اذا افتقد في حياته السلام العائلي والحب الصادق والفهم والعطف والحرص المتبادل بين الطرفين علي تيسير الحياه علي كل منهما واشعاره بالامان والثقه بالنفس والغد. ولقد قرات ذات يوم كلمه حكيمه للاديبه الفرنسيه سيمون دي بوفوار تقول فيها: سعيد من يستطيع ان ينظر الي حقيقه حياته فيرضي عنها, وينظر في وجه شريكه في الحياه فيري فيه هذه الحقيقه ويسعد بما راه.. فكم انسانا في الحياه يستطيع ان ينظر الي حقيقه حياته ويرضي عنها وينظر الي وجه شريكه في الرحله فيري فيه هذه الحقيقه ويسعد بها؟.. وكم من سهام طاشت ولم تصب اهدافها لا لسوء التسديد وانما لسوء اختيار الاهداف الجوهريه التي ينبغي ان يتوجه اليها المرء بسعيه وجهده وكفاحه من البدايه.. لقد احسنت اختيار الهدف ياسيدتي.. ودفعت ثمن حسن الاختيار من سنين الصبر والكفاح.. فكان عدلا من السماء ان تويد حسن اختيارك بالنجاح والتوفيق والسعاده.. فهنيئا لك كل ما تستحقين من سعاده وامان.. وبشري لمن ينتظر باذن رب العالمين..
هناك 13 تعليقًا:
السلام عليكم
ازيك يا روح قلبى يارب تكونى بخير
وحشانى جدا
مش عارفه دايما لما اقرأ لعبد الوهاب مطاوع
احس كده احاسيس مختلفه
المرة دى حسه بتفاؤل غير عادى
وحسه كده بهدوء وراحه نفسيه غير عاديه ومش فاهمه ليه
تسلم ايدك على النقل الرائع
فى حفظ الله يا روح قلبى
الله
طب ما فيه نماذج كويسه اهى وفى حب بجداهووووووو امال بيقولولنا مافيش لييييه
ماشاء الله ولاقوة الا بالله ربنا يديم عليهم السعاده والفرح يارب ويكرمهم على صبرهم
تسلمي يا ذكرى على القصه الحلوة
السلام عليكم
طبعا الحياه فيها الحلو وفيها الوحش بس اكيد فى حاجات ممكن نحس بيها وتكون من جوانا رضين بيها الحمدلله على كل شىء
تحياتى
الرسالة جميلية جدا رهف ، ربنا يسعدك زى ما بتسعدينا بأنتقائك لرسائل من أجمل ما حمل البريد ، أكيد عندك أرشيف كبير للبريد ، على فكرة التنسيق انهاردة جميل تسلم ايدك علية ، وفى النهاية لا يسعنى غير الدعاء بالمغفرة و الرحمه لصاحب البريد ، و الدعاء لك بالتوفيق دائما .
ذكري رحيل قلم
بجد مدونتك جميله وقصتك اجمل
تحياتي ليكي
مدونة رائعـــة واكثــــر مـــن لـــذيـــذة
تقبل تحياتــــي
عجبتني قوي كلمه الكاتب عبد الوهاب مطاوع وشكرا علي متابعتك ليا
أيتها الذكرى الجميلة
الحبد ده شئ جميل
ولكن...
هل كان يعمل جاهدا ولديه طموحات راتها بعينيها ؟
هل تنبأت بمستقبله؟
ام انها لم تصبر ولم تقتنع بطموحاته ولم تعترف بمجهوده القائم وسعيه المستمر؟
أم انه لم يتحرك الا عندما تركته؟
اريد ان اعرف
حتى نستطيع ان نصدر احكامنا عليها
بالموضوعية والحق والعدل
وشكرك على تلك القصة الرائعة
السلام عليكم
بنت النيل اهلا بك نورتي المدونة
ونورتي بريد الجمعة للكاتب الراحل عبد الوهاب مطاوع هذة قصة من الواقع انقلها لكم كل يوم جمعة
اما عن سؤالك
هو كان في بداية حياته وكان يعمل لكنها نظرت الي المال والرفاهية والغناء اما الشاب كان في بداية حياته وكان يريدها تكافح معه
الا الاخري فهي تحدت العالم بحبيبها وتزوجته وهو فقير وسافرت معه في بلد شقيق
بعد ما وافق اهلها علي الزواج رغم انها لديها المال والمادة
دمتي صديقة للبريد
عجبنى رد الكاتب كان فى منتهى الحكمة
ما اء الله عليكي .. فكره رائعه انك تعملي بريد جمعه هنا :)
و اسلوب راقي و ابداع يتجدد .. بجد بستمتع اوي و انا بقرأ في مدونتك
و يا ريت تشرفيني في مدونتي المتواضعه
http://ra7alaat.blogspot.com/
شكرا لوقتك
مبروك النصر لمصر
دائما هي فوق القمة
مش حرام ان الراجل يتزوج على مراتة ازا كان مستطيع ويعدل بينهم لان الله قال( فلاتميلوا كل الميل فتزروها كالمعلقة)لكن الغلط ان الجواز يكون علشان المال ولكن الدين هوا المطلب الاساسى فى الزواج قال الرسول ص (تنكح المراة لاربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)
انا اسف لو كان رايي دايقك
تحياتى ليكى
إرسال تعليق