الجمعة، أكتوبر 23

بطاقات الدعوة

اقرا بريد الجمعه منذ فتره طويله‏..‏ والاحظ في كثير من ردودك انك تحاول جاهدا التخفيف عن بعض قرائك الذين يشكون لك ضياع بعض فرص الحياه منهم بعد ان تطلعوا اليها بشده‏,‏ وانعقدت امالهم عليها طويلا‏,‏ فتنصحهم بعدم التوقف امام ما لم تسمح لهم به الحياه‏,‏ وبالتطلع الي التعويض الالهي لهم عن كل ما فاتهم من اسباب السعاده‏,‏ موكدا لهم انه سوف يجيء اليهم حين تاذن بذلك السماء‏.‏ واود ان اروي لك قصتي لعلك تجد فيها ما يفيد غيري من القراء‏.‏فانا شاب في منتصف الثلاثينات من عمري‏,‏ اقيم في مدينه ساحليه‏,‏ وقد تطلعت منذ بضع سنوات الي الارتباط بشريكه الحياه‏,‏ فتقدمت لابنه رجل فاضل طالبا يدها‏..‏ ورحبت الاسرتان بهذا الارتباط‏..‏ وغمرتني اسره الفتاه بحبها واهتمامها‏,‏ واحببت فتاتي باحترام كامل واحببت كل افراد اسرتها‏..‏ وتبادلت الاسرتان الزيارات في جو من الود والابتهاج‏,‏ وتم الاتفاق علي كل التفاصيل‏..‏ وتحدد موعد الخطبه المباركه واشتريت الشبكه التي ساقدمها لعروسي وطبعت بطاقات الدعوه وتم توزيعها علي افراد الاسرتين والاهل والاقارب‏,‏ وقمت بتعليق احدي هذه البطاقات علي مدخل المكان الذي ستتم فيه الخطبه‏,‏ وتم اعداد كل المستلزمات للحفل البهيج واشترت فتاتي فستان الشبكه الجميل‏,‏ واستغرقت انا في الاحلام الورديه الجميله اتخيل فتاتي وانا اضع في اصبعها دبله الخطبه وامي تترقرق عيناها بدموع الفرح‏,‏ ووالدتها مبتهجه والاخوه من حولنا سعداء‏..‏ وتسلمت البدله التي سارتديها في حفل الخطبه واعددت القميص وربطه العنق والجورب والحذاء اللامع‏,‏ ولم يتبق سوي يومين فقط علي الحدث السعيد‏,‏ فاذا بوالد فتاتي يتصل باسرتي ويعتذر لها فجاه عن عدم اتمام الخطبه بدون ايه اسباب واضحه سوي هذه العباره المبهمه حول انه ليس هناك نصيب‏!‏وحاولت مع والد فتاتي بكل السبل ان اعرف منه سببا محددا للرفض المفاجيء فلم انجح في ذلك‏..‏ وتخيلت حرجي الشديد مع الاهل والاصدقاء الذين دعوتهم لحضور الخطبه‏..‏ وكيف سابرر لهم الغاءها‏,‏ فتوسلت لوالد فتاتي ان يحفظ علي كرامتي وان يقبل باتمام الخطبه في اضيق الحدود حتي ولو كانت النيه قد انعقدت لديه علي رفض ارتباطي بابنته ثم بعد فتره قصيره يقوم هو بفسخها باي مبرر لا يسيء الي ولا الي الفتاه‏,‏ كالزعم مثلا باننا قد اختلفنا حول بعض الماديات او حول مقر اقامتنا بعد الزواج خاصه وان اسره فتاتي تقيم بالقاهره واسرتي تقيم بالمدينه الساحليه‏,‏ وحاول الاب فيما علمت اشفاقا منه علي موقفي ان يفعل ذلك لكن ابنته رفضت ذلك رفضا باتا‏,‏ واصرت علي عدم اتمام الخطبه باي شكل من الاشكال رغم توسل الجميع لها بالعدول عن موقفها‏,‏ ورغم رجائهم لها بالقبول حرصا علي كرامه شاب لم يسيء اليها في شيء‏..‏ وسلمت امري لله‏..‏ والغيت حجز المكان المقرر لاقامه حفل الخطبه‏..‏ واعتذرت علي استحياء لمن سبق لي ان دعوتهم من الاصدقاء والزملاء الي الحفل‏,‏ وتولت اسرتي الاعتذار عني للاهل واقرباء‏..‏ وكان موقفا عصيبا لا اتمناه لاي انسان في الوجود‏..‏ وشعرت انا بطعنه داميه في قلبي وكرامتي‏..‏ وتساءلت متالما عما دعا فتاتي واسرتها للقبول بي ثم الي رفضي بهذه الطريقه المهينه‏,‏ وماذا اخطات فيه‏..‏ وماذا جنيته حتي اتعرض لهذه المحنه؟‏,‏ ثم علمت من بعض الاهل ان فتاتي ووالدها قد علما باني مصاب باحد الامراض الخلقيه التي تلازم المرء طوال حياته‏,‏ لكنها لا تضره ولا توذيه طالما يعيش حياته محافظا علي نفسه من ايه مخاطره قد تودي الي جرحه‏,‏ وتعجبت لما سمعت وقد صارحت فتاتي في بدايه تعارفنا بكل ذلك واطلعت اسرتها علي نتائج التحاليل الخاصه بي‏,‏ واتصلت الاسره بطبيبي المعالج فطمانهم علي حالتي‏,‏ واكد لهم انه لا خوف من اتمام الزواج وان الحاله التي اعانيها ليست مخيفه ولا تتطلب مني سوي الاحتراس فقط‏,‏ وانه حتي لو استدعي الامر اجراء جراحه ذات يوم فالعلاج معروف والشفاء مضمون باذن الله‏..‏ وما اكثر ما يتزوج امثالي كل يوم وينجبون ويعيشون حياتهم في سعاده وامان‏.‏وانطويت علي احزاني‏..‏ وواصلت حياتي محاولا نسيان ماحدث‏..‏ واعتزمت الا اعرض نفسي لهذه التجربه القاسيه مره اخري‏,‏ غير ان الايام مضت بخيرها وشرها‏..‏ وراح الاهل يلحون علي من جديد بالبحث عن شريكه الحياه‏..‏ فتقدمت لفتاه اخري حاملا معي تقاريري الطبيه وقبل ان اطلب يدها اطلعتها علي حالتي‏,‏ وطلبت منها ان تسال كبار الاخصائيين عن هذه الحاله قبل ان تجيبني بالرفض او القبول‏,‏ وتركت التقارير لديها راجيا فقط استعادتها في الحالتين‏,‏ وامضيت فتره الانتظار مترقبا وموملا في رحمه الله سبحانه وتعالي الا تتخلي عني هذه المره‏,‏ وبعد ايام فوجئت بمن يدعوني لزياره الاسره والتقدم رسميا لطلب يد ابنتها‏,‏ لان الاسره قد استشارت كبار الاخصائيين بالفعل فاكدوا لها صلاحيتي للزواج بلا مخاطر‏..,‏ وسعدت بذلك سعاده كبيره واعتبرته تعويض السماء لي عما تجرعته من الام سابقه بلا ذنب جنيته‏..‏ واقيم حفل الخطبه في موعده هذه المره بلا مفاجات ولا احزان‏,‏ واثبتت لي تجربه الايام ان السماء قد اختارت لي هذه الفتاه لكي تعوضني عن كل ما تالمت له من قبل‏,‏ وانها السعاده المدخره التي تقول انت في بعض ردودك ان السماء قد تحتفظ بها في علم الغيب لكي تهبها لمن يستحقها في الوقت المناسب‏.‏وتزوجنا وسعدنا بحياتنا معا‏,‏ وازداد ارتباطنا وعمق تفاهمنا علي مر الايام وبعد عام من الزواج وهبنا الله طفلا جميلا ملا حياتنا بهجه وسرورا‏..‏هژںه¸–هœ°ه‌€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]اما فتاتي الاولي فلقد مضت في طريق اخر وتزوجت غير اني قد علمت انه لم يستقر لها حمل منذ زواجها بالرغم من تكرار الحمل والتزامها الراحه التامه في الفراش في كل مره‏,‏ كما علمت ايضا انها كلما حملت تعرضت للاجهاض قبل اكتمال الحمل‏,‏ ولم اسعد بذلك ولم افرح له‏,‏ كما قد يتصور احد اذ ماذا يفيدني ذلك وقد افترقت بنا الطرق وسار كل منا في اتجاه مختلف‏,‏ غير اني اتساءل بالرغم من كل ذلك هل ما تعرضت له فتاتي السابقه هو عداله السماء‏..‏ او انتقامها منها لخذلانها لشاب تقدم اليها طالبا السعاده معها ولم يخف عنها من امره شيئا؟ان حزن هذه السيده لن يسعدني‏..‏ وليس لي فيه يد ولعلها لو اتجهت الي الله سبحانه وتعالي بنفس راضيه ان يغفر لها ما فعلته بي فقد يغفر لها ويرزقها النسل الصالح‏..‏ وكل ما ارجوه هو الا تسيء الظن بي وتتوهم اني شامت فيها‏..‏ بعد ما كان من امرها‏..‏ والسلام‏.‏
ولكاتب هذه الرساله اقول‏:‏
الخطا الحقيقي في قصتك مع فتاتك السابقه هذه‏,‏ ليس في تراجعها عن اتمام مشروع الارتباط بك لاسباب راتها حتي ولو اختلفنا معها فيها‏,‏ وانما في توقيت اعلانها لك هذا الانسحاب المباغت قبل يومين فقط من حفل الخطبه وبعد اتمام كل الاستعدادات لها وتوزيع بطاقات الدعوه لحضورها‏,‏ فالتعارف العائلي بهدف الارتباط هو في النهايه مشروع اتفاق قابل للاستكمال والمضي به الي غايته‏,‏ وقابل ايضا للرجوع عنه من جانب احد الطرفين او كليهما لايه اسباب يقدرانها‏,‏ ولقد شرعت الخطبه اصلا لكي تكون فتره للتعارف الحميم واختبار المشاعر‏..‏ وامتحان كل طرف لرغبته في الاخر‏,‏ فاذا جاءت موشراتها ايجابيه مضي في مشروع الارتباط الي نهايته‏,‏ واذا لم يحدث ذلك اعتذر عن عدم اتمامه‏,‏ وبحث عن غايته في طريق اخر‏,‏ وليس يضير احدا ان يفشل مشروع خطبته لاحد اذا روعي في ذلك الالتزام بالاعراف السائده واحترام المشاعر والكرامات‏..‏ ولهذا فاننا لا نلوم احدا لمجرد انه قد فسخ ارتباطه باخر لاسباب راها‏..‏ حتي ولو لم تكن عادله او مقنعه للاخرين‏,‏ لان كل انسان ادري بما يحتاج اليه ولان من لا يصلح لانسان قد يصلح لغيره‏..‏ لكننا نلوم فقط من لا يراعي اعتبارات الاخرين وكرامتهم ومشاعرهم عند اتخاذ مثل هذا القرار وخطا فتاتك السابقه الحقيقي يتمثل في ترددها في اتخاذ القرار بالقبول بحالتك الصحيه التي لاخطر فيها عليك بشرط الاحتراس والالتزام‏,‏ او بالاعتراف بعدم رغبتها او قدرتها علي المخاطره ومعايشه التجربه بجوانبها المختلفه‏,‏ والواضح هو انها قد ترددت بين القبول والرفض غير المعلن طويلا حتي اذا ما اقترب موعد اعلان الخطبه واوشك الامر ان يخرج الي العلن‏..‏ انتصرت لديها نوازع النفس التي ترجو لصاحبها دائما الافضل والارفع دائما من كل الاشياء‏..‏ وتشفق عليه من القبول بايه مخاطره ولو كانت هينه فباغتت الجميع بتراجعها عن الخطبه وتصرفت في ذلك وفقا لما يتفق مع اعتباراتها الذاتيه وحدها‏,‏ وبغير ان تضع في حسابها اثر هذا القرار المباغت علي الطرف الاخر في الارتباط او علي مشاعره وكرامته الشخصيه ومشاعر اسرته وكرامتها‏..‏والفضلاء من الناس هم من لا يتخذون قراراتهم واختياراتهم وفقا لاعتباراتهم الشخصيه وحدها‏,‏ بغض النظر عن انعكاساتها علي مصالح الاخرين ومشاعرهم وكرامتهم‏.‏وانما يحاولون دائما ان يضعوا اعتبارات الاخرين في حساباتهم وان يخففوا بقدر الامكان من تعارض رغباتهم ومصالحهم مع رغبات الاخرين ومصالحهم وقد يضحون في سبيل تجنب ايلام الاخرين والتخفيف عنهم بتحمل بعض العناء‏..‏ ولا عجب في ذلك‏..‏ لان الحياه لا تستقيم اذا انطلق فيها البشر كالوحوش الضاريه يسعون وراء اهدافهم ورغباتهم وحدها بلا قيود ولا حدود‏,‏ وبغير ان يضعوا في حسابهم حقوق الاخرين ومشاعرهم واعتباراتهم‏..‏وكل ما تعرضت له من الام وجرح للمشاعر والكرامه لم ينجم عن رفض هذه الفتاه للارتباط بك تخوفا من حالتك الصحيه‏..‏ ولو كانت قد فعلت ذلك بشكل كريم خلال فتره التعارف الاولي لما لامها احد علي اختيارها‏,‏ وانما نجم اساسا علي انها قد ضحت بكل ما تمثله لك ولاسرتك هذه الخطبه من اعتبارات بعد اعلانها للاخرين‏,‏ وجابهتكم جميعا بالخذلان بعد ان عرف الجميع موعدها‏..‏ ولقد كانت تستطيع ان تخفف كثيرا من وقع الصدمه عليك لو كانت قد قبلت باتمام الخطبه شكليا‏,‏ ثم فسخها في هدوء بعد حين‏,‏ لكنها اثرت الا تضحي بشيء من نفسها لاصلاح خطا ارتكبته حين ترددت طويلا قبل حسم اختيارها‏..‏ فاذا كان لايسعد ايه فتاه بالفعل ان تكون لها سابقه خطبه فاشله حتي ولو كانت هي التي رغبت في انهائها‏,‏ واذا لم يكم من اليسير بالفعل علي ايه فتاه ان تجابه الجميع في حفل عام لخطبتها وهي تضمر في نفسها فسخها بعد ايام او اسابيع‏..,‏ فلقد كان من واجب هذه الفتاه ان تضحي من نفسها بعض الشيء بقبول هذا العناء ابراء لذمتها تجاه الشاب الذي لم يخطيء في حقها‏,‏ ولم يرتكب اثما حين طلب السعاده معها بالطريق المشروع‏..,‏ ولا ذنب له في حالته الصحيه التي اثارت هواجسها‏..‏ وبالرغم من ذلك فلست اري لك وقد عوضك الله عنها خيرا وسعدت بحياتك الجديده وانجبت طفلا جميلا‏..‏ واثبتت الايام ان حالتك الصحيه لاتحول بينك وبين السعاده والامان‏,‏ لست اري لك ان تظل منشغل الخاطر بمن رفضتك من قبل والمتك‏..‏ حتي ولو كان هذا الانشغال بعقد المقارنه بين توفيق الله سبحانه وتعالي لك في حياتك الشخصيه‏,‏ وبين تعثر حظ فتاتك السابقه‏,‏ مع الحمل والانجاب‏..,‏ ذلك انه حتي المقارنه ليست من حسن شكر الانسان لربه علي ما انعم به عليه من نعم جليله‏,‏ انها لاتفيد الشكر وحده‏..‏ ولا الاشفاق علي الغير وحده‏..‏ وانما تفيد ايضا ولو بطريقه لاشعوريه شبهه الشماته والتشفي في حظوظ من ظلمونا وجرحوا مشاعرنا واثروا غيرنا علينا‏.‏ولو لم تكن تفيد ذلك لما ذكرناها في موضع ذكر اساءات من اساءوا الينا‏,‏ ولاكتفينا بالشكر علي النعم‏..‏ ورجونا للاخرين مثل ما نعمنا به‏,‏ فالصفح الحقيقي هو النسيان التام ومرور الاعوام علينا بغير ان نتذكر من اساءوا الينا او ننشغل بتتبع حظوظهم في الحياه‏..‏ والشماته فيهم او الرثاء لهم‏..‏ لانه حتي هذا الرثاء لايخلو من شبهه الاعتداد بحظوظنا بالمقارنه بحظوظهم في الحياه اللهم الا اذا كان خالصا لوجه الله‏..‏ وكل ذلك ليس من الصحه النفسيه ولا من السلام النفسي في شيء‏..‏ فلاتسمح لهذه المشاعر السلبيه بان تفسد عليك صفاء نفسك وحسن شكرك لربك علي تعويضه العادل لك عما تعرضت له من قبل ودافع عن سعادتك بتطهير النفس من كل الشوائب عسي ان يكون ذلك هو شفيعك عند ربك ان يحفظ عليك نعمه ويجزل لك منها العطاء‏..‏:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::

رحلة النجاح