الجمعة، ديسمبر 18

القرار السليم







انا رجل اعمال شاب تعرفني شخصيا لانني قد تعاونت معك من قبل في موضوع قديم من موضوعات بريد الجمعه‏,‏ لكن ظروفي الان تحول بيني وبين ذكر اسمي‏,‏ وقد دفعني للكتابه اليك ماقراته في بريد الجمعه من رساله الزوجه الشابه التي انفصلت عن زوجها الذي تحبه ويحبها بسبب عدم قدرته علي الانجاب‏,‏ واحساسها بالندم علي ذلك‏,‏ ورغبتها في العوده اليه‏,‏ وقد كان يحبها باخلاص ويحسن معاملتها‏,‏ ولقد رددت عليها ونصحتها مادامت ترغب في العوده اليه‏,‏ بالاعتذار له عما المته به تمهيدا لاستئناف حياتهما معا‏,‏ ولقد اثارت هذه الرساله شجوني‏.‏ فلقد افاء الله سبحانه وتعالي علي بكل النعم‏,‏ من مال ونجاح كبير في الحياه العمليه‏,‏ الا ان حكمته جل شانه قد رات ان تحرمني من نعمه البنين‏,‏ واكتشفت ذلك اخيرا حين تاخرت زوجتي في الحمل واضطررنا لعمل التحاليل اللازمه فجاءت نتيجتها بهذه الحقيقه المولمه‏,‏ وانا رجل مومن بالله وراض بقضائه الا انه تواجهني عده مشكلات لا ادري لها حلا‏,‏ اولاها انني اشعر بانني اظلم زوجتي باستمرارها معي بالرغم من انها مصره علي الحياه معي وتري انني لم اقصر في حقها وارعي الله فيها وفي كل من هم حولي‏,‏ وتري كذلك ان هناك املا في الشفاء‏,‏ وهو من عند الله سبحانه وتعالي دائما‏,‏ لكني بمنطق رجل الاعمال اري ان النهايه اتيه لا ريب فيها وانها لن تستطيع تحمل الحرمان من الولد الي النهايه خاصه مع انجاب صديقاتها وزميلاتها‏,‏ ونظرات الاقارب المتسائله عن سر عدم الانجاب‏,‏ ومن هذه المشكلات ايضا انني لم استطع حتي الان ولا استطيع مواجهه ابي وامي بهذا الابتلاء خاصه انهما في حاله صحيه لا تسمح لهما باحتمال هذه الصدمه‏,‏ ومنها ماسبق ان اشار اليه بعض المبتلين بمثل هذا الحرمان وهي في رسائلهم اليك وهو نظرات الناس من حولي وتساولاتهم لماذا لم تنجب حتي الان وقد افاء الله علينا باكثر مما نستحق من نعم‏,‏ وهي تساولات لا جواب لها عندي‏,‏ اما المشكله الاخيره فتتعلق بي شخصيا‏,‏ فلقد اصبت بحاله احباط شديده عند علمي بهذه الحقيقه المولمه‏,‏ واشعر الان انني قد فقدت الحافز للحياه وبانه لا معني للسعي والعمل ولا لهذه المشاريع والاعمال التي اديرها‏,‏ فهي لم تذهب لاحد من بعدي‏,‏ وابي وامي لديهما مايكفيهما فلمن اعمل اذن واكدح واسعي الي التوسع والنمو ؟ انني لا اجد داعيا للعمل وبالتالي الي الحياه ولا حتي للخروج من باب البيت‏,‏ ولقد وجدت سلواي في الصلاه وقراءه كتاب الله‏,‏ املا ان يلهمني الله سبحانه وتعالي الصبر والقرار السليم بشان حياتي الخاصه‏,‏ ذلك انني اري اننا يجب ان ننفصل انا وزوجتي الحبيبه حتي لا نصل الي المرحله التي وصلت اليها الزوجه الشابه في الرساله المشار اليها حين طلبت الطلاق من زوجها واصرت عليه بالرغم من دموع زوجها وتوسلاته اليها الا تتركه‏,‏ ولكي اقطع دابر الاسئله الحائره من حولي‏,‏ لكني لا اجد في نفسي الشجاعه لان اخبر زوجتي برايي هذا‏,‏ كما اري انني يجب ان اصارح عائلتي ومن حولي بهذه الحقيقه المولمه لكني ايضا لا اجد الشجاعه الكافيه لذلك‏,‏ وانا اومن دائما بصواب رايك‏,‏ لكني لا اتفق معك في نصحك لهذه الزوجه بالاعتذار لزوجها والعوده اليه‏,‏ لانها لو اعتذرت ورجعت المياه الي مجاريها بينهما فسوف يغلبها الحنين الي الاطفال‏,‏ ويتكرر ماحدث بينهما مره اخري‏,‏ واري لها ان تترك زوجها لاقداره لان الياس احدي الراحتين‏,‏ ولا داعي لنكا الجمار مره اخري‏,‏ انني انتظر رايك فيما يواجهني من مشكلات‏,‏ وارجو تجنب الاشاره الي اي شيء تفلح معه الاستنتاجات في التعرف علي شخصيتي راجيا من المولي عز وجل ان يلهمكم الصواب دائما‏,‏ وان نتعاون مستقبلا في ايه مشاكلات تخص اخواننا من قراء البريد‏.‏



ولكاتب هذه الرساله اقول‏:‏


حين يصطدم الانسان باحدي حقائق الحياه المولمه‏,‏ ويتطلب منه الامر اتخاذ قرار مصيري بشانها‏,‏ فان افضل مايفعله هو ان يوجل اتخاذ هذا القرار بعض الوقت‏,‏ الي ان يستعيد توازنه الذي زلزلته هذه الحقيقه نفسها‏,‏ ويتاح له الوقت الكافي لكي يبرا من اثر الصدمه القاسيه ومما اصابه من احباط وقنوط وياس انفعالا بها‏.‏ ذلك ان اسوا مانفعله بحياتنا هو ان نتخذ القرارات المصيريه بشانها ونحن في قمه تاثرنا وتشوش افكارنا وانفعالنا بما لا يرضينا من حقائق الحياه المولمه‏.‏


وانت ياصديقي في بوره تاثرك بما اكتشفت من عدم قدرتك علي الانجاب في الوقت الحالي‏,‏ وتستوي لديك الان كل الاشياء‏,‏ وتشعر بعدم جدوي الحياه والحب والعمل والكفاح والعلاقات الانسانيه‏,‏ وفقدت حتي الرغبه في مجرد مغادره البيت ومواصله الاشتراك في مباراه الحياه‏,‏ وتقبل هزائمها والانتشاء بانتصاراتها‏..‏ فكيف تكون صالحا وانت في هذه الحال من الضعف النفسي والياس والضغط لاتخاذ قرار قد تتاثر به حياتك سلبا او ايجابا الي نهايه العمر‏,‏ انكم في دنيا الاعمال والاداره تقولون ان القرار الخاطيء الذي تكون له دائما اوخم العواقب هو القرار الذي يتخذه صاحبه انفعالا بموقف طاريء‏,‏ او تحت ضغوط نفسيه قاسيه لا تتيح لصاحبه صفاء التفكير والتجرد من الموثرات الشخصيه‏,‏ او بناء علي معلومات ناقصه او خاطئه‏.‏


وقرارك الان سوف تجتمع له كل اسباب الخطل اذا اتخذته علي الفور لانك اولا في قمه انفعالك الحزين بما عرفت عن نفسك‏,‏ وتقع تحت ضغوط نفسيه قاسيه‏,‏ ولا تتوافر لك كل الحقائق اللازمه لاتخاذ القرار الصحيح‏,‏ وابسط دليل علي افتقادك لها هو انك لا تضع اختيار الطرف الاخر المعني بهذه المشكله لحياته في الاعتبار وهي زوجتك‏,‏ وترجم بالغيب فتقرر انها لن تحتمل الحياه بدون انجاب الي مالانهايه‏,‏ وسوف تعمل معك الي النقطه التي تشفق علي نفسك منها وتطلب ذات يوم الانفصال عنك‏,‏ وكل ذلك ليس هناك مايوكده او يجعل منه امرا غير قابل للمناقشه‏,‏ فشريكه حياتك كما تقول انت نفسك ترغب في استمرار الحياه معك وتري انك ترعي الله فيها ولا تقصر في حقوقها‏,‏ والزوجه التي كتبت لي الرساله وتتخوف من ان تصل شريكه حياتك ذات يوم الي مثل موقفها حين طلبت الطلاق‏,‏ هي نفسها الزوجه التي ندمت علي هجرها لزوجها وكتبت الي ترجوني مناشدته ان يعيدها لعصمته بعد ان عرفت عن نفسها انها لا تحتمل الحياه بعيده عنه‏.‏ فاذا كنت تستشهد بموقفها في طلب الانفصال كدليل موكد علي عدم قدره شريكتك علي احتمال الحياه معك بدون انجاب الي مالانهايه‏,‏ فكيف غاب عنك موقف هذه الزوجه نفسها حين ندمت علي تسرعها وافتقدت شريك حياتها المحب ورغبت في العوده اليه والحياه معه بغير انجاب ؟





لقد اثرت تاملاتي بحديثك عن عدم جدوي العمل والمال وليس هناك من سوف يرثه عنك‏,‏ لكني اقول لك ياصديقي انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون‏,‏ وانت والحمد لله رجل مومن بالله سبحانه وتعالي ورسله وكتبه وبقضائه وقدره خيره وشره‏,‏ فكيف تقنط من رحمته الي هذا الحد ؟ ان في الحياه رجالا ونساء شاءت لهم اقدارهم ان يحرموا من الانجاب فازدادوا عطفا وتمسكا بشركائهم وتعزوا عما افتقدوه بجوانب حياتهم الاخري‏,‏ وبالحب الصافي الذي يتشاربونه مع شركاء العمر وبالعطف المتبادل بينهم‏,‏ وعرفوا انه لا يربط بينهم سوي الحب الصادق فحرصوا عليه ورووا اشجاره‏..‏ فاثمرت ثمارها الطيبه في حياتهم‏,‏ وفي الحياه ايضا من اكتشفوا مثل هذه الحقيقه عن انفسهم في بدايه زواجهم فلم يياسوا من رحمه ربهم‏,‏ وصبروا علي اقدارهم‏,‏ وواصلوا السعي وطلب العلاج بلا كلل سنوات بعد سنوات‏,‏ فمنهم من انجب لاول مره بعد زواجه ب‏12‏ او‏15‏ عاما‏,‏ ومنهم من شعر بالرضا عن اقداره لانه لم يقصر في طلب العلاج‏,‏ واتسع قلبه لرعايه طفل محروم او تعوض عن حرمانه بان اعتبر ابناء الاشقاء والشقيقات ابناءه وفاض عليهم قلبه بحبه وحنانه‏.‏


انني اخشي ان اقول لك انك بما تراه من ضروره الانفصال عن زوجتك بعد اسابيع قليله من اكتشاف عدم قدرتك علي الانجاب وبغير كفاح طويل ومر يتطلب الشفاء‏,‏ اخشي ان اقول انك انما تخشي علي نفسك انت من اللحظه التي يشتد فيها حنين زوجتك للاطفال فتطلب منك الانفصال‏,‏ اكثر مما تشفق عليها هي من حياتها معك بغير انجاب وفي ذلك فانك ستكون ظالما لها باقصائها عن حياتك علي غير رغبتها بدعوي انك تطلب لها الافضل علي المدي البعيد حتي ولو تالمت لبعض الوقت لانفصالك عنها‏,‏ ولن تكون ظالما لها علي العكس من ذلك حين تواصل حياتك معها بناء علي رغبتها واختيارها الحر‏,‏ حتي ولو عانت داخليا مما لا مفر من معاناته في مثل هذه الحاله‏.‏


اننا في بعض الاحيان قد نتخذ من القرارات ماهو اكثرها انانيه‏..‏ ونحن نتوهم اننا انما نقدم بها التضحيه لمن يستحقون التضحيه من اجلهم‏,‏ ونصيحتي لك في النهايه هي ان توجل اتخاذ اي قرار بشان حياتك الشخصيه الي ان تستعيد صفاء الذهن وحماسك للحياه والاشياء من جديد‏,‏ والا تنفرد باتخاذ هذا القرار دون شريكتك في الحياه بدعوي التضحيه بسعادتك في سبيل سعادتها‏.‏ فالسعاده اثمن من ان يضحي بها المرء بمثل هذه السهوله‏.‏ ومنطق رجال الاعمال الذي تري به ان النهايه اتيه لا ريب فيها‏,‏ لا يصلح للتعامل مع هذه المشكله‏,‏ لانه منطق لا قلب له ويعتمد علي الحقائق المجرده والارقام الصماء وحدها‏,‏ وحياتك وحياه زوجتك وسعادتكما انما تحتاج الي منطق الحب والعطف والتضحيه الحقيقيه وليست الموصومه‏..‏ للتعامل معها‏.‏


فاما اشفاقك علي ابويك من ابلاغهما بما تعانيه في مشكله الانجاب‏,‏ وتساولات الاخرين من حولك‏,‏ فالحق هو انك لست مطالبا بتفسير اي شيء في حياتك الشخصيه لاخرين فيما عدا والديك اللذين يهتمان بامرك وصهريك اللذين يهتمان بامر زوجتك‏,‏ ومااسهل ان تتلطف في ابلاغ ابويك بانك تواجه بعض المشكلات الصحيه في الانجاب لكنك تطلب العلاج بجديه وتامل في الشفاء ذات يوم قريب باذن الله‏,‏ وان تفعل زوجتك نفس الشيء مع ابويها‏..‏ ثم تغلقان باب التساول بعد ذلك امام الجميع وتواصلان حياتكما في امل لا ينقطع في رحمه الله‏..

وتخرج انت من قوقعتك وتستعيد حماسك للحياه‏,‏ وتومن بما امرنا به الهادي البشير صلوات الله عليه وسلامه‏,‏ من انه اذا قامت الساعه وفي يد احدكم فسيله فليغرسها في الارض طلبا للخير للاخرين ولو كانت الازفه علي الابواب فاذا كنت تتساءل عن جدوي العمل والتوسع والمال وليس هناك من يرثه‏,‏ فاني اقول لك ان الشجره الوارفه يستفيد الاخرون بظلها ولا تستفيد هي منه شيئا‏..‏ ولهذا يفضلها الجميع علي الشجره الجرداء ويخصونها بحبهم واعتزازهم‏,‏ وكذلك الانسان حين يمتد ظله علي الاخرين ويحميهم من لهيب الشمس ويهييء لهم اسباب السعاده‏,‏ ويسعد نفسه وشركاء حياته وكل من حوله‏.‏








الجمعة، ديسمبر 11

الملابس الساخنه‏!‏


اكتب اليك هذه الرساله وقد بلغ بي الياس قمته‏,‏ فانا طالبه جامعيه عمري‏22‏ عاما وعلي درجه عاليه من الجمال‏,‏ مما جعل كل من حولي وامي بصفه خاصه يكيلون دائما المديح لجمالي‏..‏ حتي ادار الغرور راسي ولم تكتف امي بالاشاده بجمالي في كل مناسبه‏,‏ وانما راحت تدفعني ايضا الي اظهار مفاتني وتشجعني علي ارتداء الملابس الساخنه‏!‏ وانني اعلن الان مايدور في راسك عني واعرف انك لابد تتساءل واين ابي من كل ذلك؟‏..‏ واجيبك بانه منفصل عن امي ويعمل باحدي الدول العربيه ويرسل الينا كل شهر مبلغا يغطي احتياجاتنا‏.‏ وعلي الرغم من جمالي وارتدائي للملابس المغريه الا انني كنت حريصه علي المحافظه علي نفسي‏,‏ ثم احببت انسانا يعمل عملا مرموقا‏,‏ واحبني‏,‏ ودعاني الي تغيير طريقه ملابسي ومكياجي وارتداء الحجاب فاسجبت له وكنت علي استعداد لان اغير كل حياتي من اجله في مقابل ماشعرت به معه من حنان الاب الذي افتقده منذ صغري‏,‏ وبالفعل فقد اصبحت اكثر التزاما‏,‏ وحدثني هو عن رغبته في التقدم لخطبتي عند عوده ابي في اجازته‏,‏ وبعد فتره ابلغني باعتراض اهله الشديد علي ارتباطه بي للفارق الكبير بين العائلتين‏,‏ ثم تزوج من فتاه من اسره صديقه لعائلته‏,‏ وشعرت بصدمه قويه هزت وجداني‏,‏ وادركت انه لم يكن حبا بل اي شيء اخر‏,‏ ورجعت لسابق عهدي في ارتداء الملابس اياها والماكياج واظهار مفاتني ولاحظت فجاه خلال ذلك اعجاب استاذي في الكليه الذي تعدي الخمسين من عمره بي ولفت نظري اليه ماقالته بعض زميلاتي امامي من انه لايرفع عينيه عني طوال المحاضره وكانني الطالبه الوحيده في المدرج‏..‏ ثم حدث ان سلمت اليه في مكتبه بحثا كان قد طلبه من تلاميذه‏,‏ فابدي اهتمامه الشديد بي ورغبته في مساعدتي‏,‏ والح علي في حضور حفل الكليه السنوي‏,‏ ولم اكن انوي حضوره‏,‏ فذهبت اليه والتقيت به فيه وقدمني الي زوجته واشاد بي امامها‏,‏ ونوه بحبه الكبير لها‏!‏واقترب الامتحان فتوجهت اليه في مكتبه لاساله عن بعض ماغمض علي فهمه من المنهج‏,‏ فرحب بي بحراره وشرح لي كل ما اردته ثم صمت وراح يتفحصني باهتمام شديد ثم قال لي انه كان يتمني لو انني قد ظهرت في طريقه منذ‏15‏ عاما‏!‏ وسالني عن رقم تليفوني فاعطيته له وهممت بالانصراف فصافحني بحراره واحتوي يدي بين يديه في حنان‏,‏ وانصرفت وقد شعرت بانني قد استرددت بعض كرامتي التي اهدرت في حبي الاول‏,‏ وبعد انتهاء الامتحانات بدا استاذي يتصل بي تليفونيا بالساعات‏,‏ وفي بعض الاحيان كان يطلبني فترد عليه امي ولا تنزعج من اتصاله بي باعتباره بمثابه ابي‏!‏وفي الفصل الدراسي الثاني كنت قد اصبحت صديقه لزوجته بناء علي رغبته وتدبيره‏,‏ واعترف لك انني كنت اشعر بسعاده خفيه وانا اتعامل مع زوجته واشعر انها مخدوعه في وفي زوجها‏,‏ كما اعترف لك بانني احببت هذا الشعور الداخلي بالانتصار عليها‏,‏ بل وبالسخريه الداخليه منها حين كانت تحدثني عن حب زوجها لي‏,‏ وانا اعلم تماما انه يحبني ويتحرق شوقا للارتباط بي وجاء اليوم الذي انتظرته منه وفاتحني في الزواج‏..‏ لكنني صدمت بانه يعرض علي الزواج العرفي فرفضت ذلك بحده‏,‏ وكنت قد علمت من زوجته ان اقل ضغط تمارسه عليه يجعله يستجيب لطلباتها‏,‏ فلقد قررت ان استفيد من هذه الخبره‏,‏ وانقطعت عن الذهاب الي الكليه والرد علي اتصالاته التليفونيه‏,‏ فجن جنونه وراح يسال عني كل الصديقات‏,‏ واكتفيت بهذا القدر من الضغط عليه وعدت للكليه فوجدته ملهوفا علي‏,‏ وكان اول مافعله هو ان طلب الخروج معي‏,‏ وفي السياره التي ركبتها معه بعد شيء من التردد انهمرت دموعه وطلب مني الا اتخلي عنه‏..‏ واعلن استعداده للزواج الشرعي مني ولكن بشكل سري‏.‏ وقبلت بذلك وتم زواجنا شرعيا في السر واستاجر شقه خارج المدينه التي نقيم فيها‏,‏ وبدات اخرج من بيتي في الصباح بدعوي الذهاب الي الكليه ثم اتوجه الي هذه الشقه وياتي هو الي لنمارس حياتنا الزوجيه في هذا العش البعيد وانتهي العام الدراسي وبدا عام جديد وانا اتصور ان علاقتنا سريه‏,‏ الا انني اكتشفت ان جميع اساتذه الكليه يعلمون بارتباطه بي‏,‏ وانه يتباهي بينهم بصولاته وجولاته معي‏,‏ كما علمت كذلك ان زوجي العزيز قد بدا يكرر نفس اللعبه مع طالبه جميله اخري لديه لا ترغب في الزواج منه لكنها لاتمانع في التساهل معه مقابل رعايته لها دراسيا‏!..‏ وما دفعني لان اكتب اليك هذه الرساله رغم علمي بما سوف ينالني منك من لوم شديد وربما ايضا الشعور تجاهي بالاحتقار‏,‏ هو انني الان حامل في شهري الثالث وقد فكرت بجديه في اجهاض نفسي ووافقني زوجي علي ذلك‏,‏ لكني ارجع فاري ذلك ذنبا عظيما‏..‏ واتساءل علي الناحيه الاخري لو انني احتفظت بالجنين كيف ساواجه زوجه استاذي التي اصبحت الان بمساعدته صديقه لامي‏,‏ وتعتبرني ابنه لها‏,‏ وكيف ساتصرف مع امي وماذا اقول لها ولكل من حولي‏..‏ صحيح انني زوجه شرعيه‏..‏ لكن زوجي قد هددني بانه اذا اعلنت زواجي منه فسوف ينكر ابوته لطفلي‏..‏ فماذا افعل؟‏..‏ وفي النهايه فان لدي نصيحه لكل الامهات الا يفعلن مع بناتهن مافعلته امي معي‏,‏ فلقد دفعتني بغير قصد الي الطريق الشائك‏,‏ واطمانت الي ذئب وضعتني معه في غرفه واحده‏!‏ ولكاتبه هذه الرساله المزعجه اقول‏:‏


ارجو الا تكوني قد اخترت ابلاغ زوجه استاذك بزواجك الشرعي منه عن طريق نشر رسالتك هذه في بريد الجمعه‏,‏ فالحق انني قد شككت في ذلك لبعض الوقت ولهذا فقد تعمدت التعميه علي ملامح شخصيتك وشخصيه استاذك ونوع دراستك لكيلا تستخدمي بريد الجمعه في تحقيق بعض اغراضك‏..‏ ويبقي بعد ذلك ان اناقش رسالتك وان ارد علي تساولاتك محاولا بقدر الامكان تحييد مشاعري تجاهك‏,‏ وابدا بان اقول لك انه ليس لديك ماتخشينه كثيرا من امك اذا علمت بما اوقعت نفسك فيه من الارتباط برجل متزوج يكبرك بحوالي‏35‏ عاما في زواج سري لايختلف كثيرا عن علاقه العشق لافتقاده ركن الاشهار‏,‏ وهو من اركان الزواج الشرعي الاساسيه‏,‏ ذلك ان من تحث ابنتها علي اظهار مفاتن جسدها وتحضها علي ارتداء ماتسمينه بالملابس الساخنه‏,‏ لن يتجاوز غالبا رد فعلها لحمقك وتهورك واندفاعك الي الارتباط باستاذك المتزوج بغير علمها حدود اللوم الهاديء لك علي عدم اشراكها معك في تبريرك للارتباط بهذا الرجل وربما ابدت ولها الحق في ذلك اسفها لتجاهلك لها في هذا الامر كله من البدايه‏,‏ مع انها لو علمت به وشاركت فيه في الوقت المناسب لربما كانت قد استطاعت ان تحصل لك علي شروط افضل للزواج والارتباط بهذا الرجل‏!!‏ اما خشيتك من مواجهه الاخرين بما فعلت فلا معني لها ايضا ولا هي هم حقيقي لك ينبغي التوقف عنده‏,‏ لان من تفعل مافعلت في سنها الصغيره هذه لايتعذر عليها مواجهه احد بما فعلت‏,‏ والمضي قدما فيه مرفوعه الراس وكانها لم تات امرا ادا ولم تفعل ماتستحق اللوم عليه‏!..‏ يبقي بعد ذلك مايستحق التحسب له بالفعل وهو ان تعرف زوجه استاذك بزواجك منه سرا‏,‏ وتكتشف خديعتها الكبري فيمن كانت تعدها بمثابه الابنه الشابه لها‏,‏ وخديعتها الاكبر في زوجها الاستاذ الجامعي الوقور الذي لايتواني عن التنويه بحبه لها في كل مناسبه‏,‏ كما فعل معك في حفل الكليه‏,‏ فهذا هو الهم الحقيقي الوحيد الذي ينبغي ان تتحسبي له في هذه القصه الموسفه كلها‏,‏ والحق انني لا اقصد بهذا الهم حرجك الانساني معها ولا احساسك تجاهها بالذنب‏,‏ او شعورك الشديد بالخجل منها والاشفاق عليها‏,‏ لانك والحمد لله لاتعانين من مثل هذه المشاعر الترفيه التي يشقي بها اخرون من البشر‏,‏ وانما اقصد به تحسبك لما سوف يترتب علي انكشاف امر زواجك من زوجها من زوابع وعواصف في حياته العائليه‏,‏ وما سوف يتعرض له هو من ضغوط انسانيه شديده من زوجته واهله قد تفلح في النهايه في دفعه للتخلص من ارتباطه بك‏,‏ وهو مايستحق ان تستعدي له بالفعل من الان‏,‏ وخاصه وقد اثبتت لك التجربه ان زواجه منك لم يكن تتويجا لحب حقيقي قهار لايملك معه ارادته‏,‏ وانما كان كما اتصور استجابه متسرعه لرغبه حسيه عارمه فيك والوسيله الوحيده التي اتيحت له لقضاء وطره منك بعد ان تعذر عليه قضاوها بغير الزواج منك‏,‏ بدليل انه وقد نال منك ماربه وهدات رغبته فيك قد بدا يكرر نفس اللعبه مع زميله اخري لك اكثر تساهلا معه منك واقل تدبيرا وتخطيطا‏,‏ فلعله قد نقل اليها نظراته في المحاضره وكانما قد خلا المدرج الا من غيرها‏..‏ ولعله يبكي الان بين يديها طالبا الزواج العرفي منها اذا تعذر عليه بلوغ ماربه منها بغير ذلك‏.‏ والحق ايها السيده الصغيره انني لا اشعر تجاهك باي تعاطف‏,‏ ولا اراك كما حاولت اقناعي في رسالتك ضحيه لاستاذك‏,‏ ولهذا لم استجب لرغبتك في ان يكون عنوانها هو ضحيه استاذها كما رغبت‏,‏ وانما انت ضحيه فساد القيم الاخلاقيه السائده في مجتمعك العائلي‏,‏ وضحيه غياب الدين في حياتك الاسريه وخفوت صوته في دائرتها كما انك ضحيه غياب الاب عن القيام بدوره الجوهري في توجيهك وحثك علي الالتزام بالقيم الدينيه والاخلاقيه‏,‏ فلا عجب في ان تعدلي عن الحجاب والاحتشام في مظهرك عقب فشل تجربتك الاولي‏,‏ لان حجابك لم يكن عن اقتناع داخلي لديك ولا نابعا عن وجدانك الديني‏,‏ وانما كان وسيله لاغراء ذلك الشاب بالتقدم لخطبتك فما ان فشل التدبير والتخطيط حتي رجعت عنه بلا ندم‏,‏ غير انك لن تستفيدي للاسف من درس التجربه الاولي‏..‏ ولم تتعلمي حكمتها وهي ان الشاب قد يعجب في بعض الاحيان بالفتاه الجميله المتحرره في ملابسها ومظهرها‏..‏ لكنه لايرتبط غالبا الا بمن يثق في قيمها الاخلاقيه الدينيه ويشعر بانه يستطيع ان يامن علي شرفه وعرضه معها‏..‏وبدلا من استيعاب هذا الدرس الثمين والاهتداء بهديه في حياتك بعد ذلك‏,‏ فلقد شعرت للعجب بان كرامتك قد جرحت وانك قد استرددت بعضها حين تاكدت من سطوه تاثيرك علي استاذك‏,‏ فلقد سعيت انت اليه في مكتبه بعد ان لاحظت افتتانه بك‏,‏ ورحبت باعطائه رقم تليفونك‏,‏ وتهللت لاتصالاته التليفونيه الطويله معك‏,‏ وهي الاتصالات التي لم تعترض عليها امك للاسف استمرارا لسياستها الخاطئه المتساهله في تربيتك‏,‏ واستفدت من خبره زوجته في التعامل معه في الضغط عليه لكي يتزوجك‏,‏ وقبلت وهو الاخطر الزواج من رجل متزوج وله ابناء‏,‏ فكيف يمكن اعتبارك ضحيه بريئه من كل اثم لسوء توجيه والدتك او لمثل هذا الرجل؟‏..‏ صحيح انه يتحمل الجانب الاكبر من المسئوليه الاخلاقيه عما انتهي اليه مصيرك الان وانت في الثانيه والعشرين من عمرك كزوجه سريه لرجل يكبرها ب‏35‏ عاما‏,‏ وصحيح ايضا انه كان خليقا به ان يتعفف عن مغازلتك وملاحقتك والتحرش بك‏,‏ احتراما لنفسه وموقعه كاستاذ جامعي ولوضعه العائلي كزوج واب‏,‏ لكن مسئوليتك انت ايضا عن هذا المصير الموسف جسيمه‏..‏ فلقد سعيت اليه في مكتبه بذرائع مختلفه لاحكام سيطرتك عليه بعد ان علمت عنه ضعفه معك‏,‏ ولم يكن سعيك اليه في مكتبه سوي دعوه ضمنيه له لمغازلتك والمضي قدما في هذا الطريق الشائك‏.‏ والرجل او المراه لا يرمي احدهما غالبا سهامه‏..‏ ويواصل الرمايه بلا كلل الا الي من يانس فيه ترحيبه ولو كان صامتا بهذه السهام الموجهه‏..‏ ولولا ذلك لانثني عن هدفه اذا وجد ان سهامه لم تصب الهدف‏.‏ ولقد نشرت رسالتك علي الرغم من استيائي لها عسي ان يستفيد باخطائها غيرك من الشباب والامهات والاباء‏,‏ لاننا نتعلم من اخطائنا باكثر ما قد نتعلم احيانا من اختياراتنا القويمه في الحياه‏,‏ ولقد تاملت طويلا ماحكيت عنه عما كنت تشعرين به من سعاده شريره وانت تمارسين خداع زوجه هذا الرجل التي تعاملت معك بحسن نيه ولم تسيء اليك في شيء‏,‏ كما توقفت ايضا امام ما كنت تشعرين به من سخريه داخليه تجاهها حين تحدثك بسلامه طويتها عما يكنه لها زوجها من حب‏..‏ فشكرا لك لانك قد اطلعتنا علي مثل هذا الجانب السادي المظلم من النفس البشريه‏,‏ وارجو ان تكوني قد تطهرت من بعضه‏..‏ حين علمت بان هناك الان من لعلها تشعر بمثل هذه السعاده الشريره في باطنها وهي تري زوجك يتودد وتحس بانتصارها القريب عليك‏..‏ وفي النهايه فاني اقول لك انك يجب ان تصارحي امك علي الفور بما فعلت بحياتك وان تواجهي الامر الواقع وتتحملي عواقبه بشجاعه وتحاولي تحجيم خسائره فالحق ان زواجك بهذا الرجل محكوم عليه بالفشل والانهيار طال العهد به او قصر‏,‏ لانه زواج غير متكافيء من ناحيه السن ونواح اخري ولانه زواج موقت كالنزوه العابره التي ترشح صاحبها بعد انقضائها للندم باكثر مما ترشحه للسعاده ودوام التجربه‏,‏ فاما الجنين الذي اثمرته هذه النزوه الخرقاء في حياتك‏,‏ فان تهديد زوجك لك بانكاره ابوته له اذا اعلنت زواجك منه‏,‏ ليس سوي محاوله مكشوفه للضغط عليك لمنعك من اعلان هذا الزواج‏,‏ وتخويفك من عواقب ذلك‏,‏ لان زواجك منه مادام شرعيا وموثقا فان انكاره لابوه هذا الجنين تهديد اجوف لايعتد به كثيرا‏,‏ ولن يغير من الواقع شيئا‏..‏ واما عن تفكيرك في مصير هذا الجنين الذي لم يكمل بعد شهره الثالث‏..‏ فاني انقل لك هنا ماجاء في كتاب بيان للناس الصادر عن الازهر الشريف في مساله الاجهاض‏,‏ وملخصه ان الحمل متي استقر في الرحم لمده‏120‏ يوما او اربعه اشهر فقد ثبت بالقران والسنه نفخ الروح فيه وبذلك يصير انسانا له حقوق الانسان الكامله حتي لتجوز له الوصيه والوقف عليه والميراث بعد موت مورثه وبذلك يكون من النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق ويحرم اجهاضه الا اذا دعت الي ذلك ضروره قهريه كان يكون بقاء الحمل ضارا بحياه الحامل‏..‏الخ‏.‏ اما قبل نفخ الروح فيه فللفقهاء اربعه اقوال في الحكم عليه‏:‏الاول‏:‏ الاباحه مطلقا من غير توقف علي وجود عذر‏,‏ وهو قول فقهاء الزيديه‏,‏ ويقرب منه قول فريق من فقهاء الحنفيه‏,‏ وان قيده بعضهم بوجود العذر‏,‏ وهو ايضا مانقل عن بعض فقهاء الشافيه وما يدل عليه كلام المالكيه والحنابله‏.‏والثاني‏:‏ الاباحه لعذر والكراهه لعدم وجود العذر‏,‏ وهو ماتفيده اقوال فقهاء الاحناف وفريق من الشافعيه‏.‏والثالث‏:‏ الكراهه مطلقا وهو راي بعض فقهاء المالكيه‏.‏والرابع‏:‏ الحرمه وهو الراي المعتمد عند المالكيه‏.‏فحاولي ايتها السيده الصغيره ان تتعلمي درس التجربه وتصححي الاوضاع الخاطئه في حياتك وتبدئي صفحه جديده منها خاليه من مثل هذه المغامرات الطائشه والافكار الخاطئه عن الحياه والحب والزواج‏..‏ والسلام‏.‏

الجمعة، نوفمبر 13

جني الثمار‏!‏

هذة الرسالة نشرت من قبل في يوم الجمعة الموافق 9 يوليو 1999 25 من ربيع الاول 1420 ه انا سيده متزوجه منذ عشرين عاما‏..‏ نشات في اسره فاشله بسبب سوء العلاقه بين الابوين‏,‏ فاورثني ذلك الاصرار علي النجاح في حياتي‏,‏ وفضلت منذ صباي الاعتماد علي عقلي اكثر من عاطفتي‏,‏ وحين بلغت سن الشباب اخترت ممن تقدموا لي شابا يتميز بالرجوله‏,‏ والشهامه والحنان ويعرف دينه وله اخلاقياته الكريمه ويتمتع بحب من حوله‏,‏ وتزوجنا فكان عند حسن ظني به‏,‏ واصبح لي الزوج والحبيب والصديق والاب مشكلتي الوحيده معه كانت تتمثل في انني لا احسن التعبير عن الحب بالكلمات‏,‏ فعوضت ذلك بالتعبير عنه بالافعال وباهتمامي الشديد بزوجي وبكل شئونه‏..‏ كما صبرت علي صعوبات البدايه وعثراتها الي ان توصلت معه الي علاقه دافئه اعتبرتها من جانبي ناجحه تماما‏,‏ واعجب بها اهله قبل اهلي وراحوا يشيدون بحميميه العلاقه بيننا وبالايثار المتبادل بيني وبينه‏,‏ ولقد وجدت فيما اسمعه وما اقراه في بريد الجمعه ان معظم الازواج يشكون من انهم يرجعون الي بيوتهم مرهقين من عناء العمل والحياه فيجدون زوجاتهم في انتظارهم بالمزيد من العناء‏,‏ ويلقين علي اكتافهم مشاكل البيت والابناء‏,‏ فحاولت الا افعل ذلك‏,‏ وان ابذل كل جهدي لحل مشاكل البيت والابناء قبل عوده زوجي الي بيته‏,‏ لكيلا اضجره بها‏,‏ كما رايت ولمست كذلك ان بعض اسباب المشاكل الزوجيه هو ان بعض الازواج والزوجات لايسرعون بتصفيه المشاكل الصغيره التي قد تنشا بينهم فيودي ذلك الي تراكمها والي ابتعاد المسافات بينهم بدلا من اقترابها‏,‏ فحرصت علي ان تكون لنا من حين لاخر جلسه للمراجعه نقوم فيها انا وزوجي بتصفيه الخلافات الصغيره بيننا ويخرج كل منا من صدره ما يضايقه من الاخر‏,‏ ويتم التصافي وتقترب المسافات‏.‏كل ذلك الي جانب وضعي لزوجي علي قمه اولوياتي واهتماماتي فشعرت ان الدنيا قد عوضتني بزوجي حقا عن كل ما افتقدته في حياتي السابقه من حنان‏,‏ ولم اشعر من ناحيته الا بكل اخلاص وتفان في اسعادي‏,‏ حتي فكرت ذات يوم في ان اكتب لك عن تجربتي الناجحه في الحياه الزوجيه لتستفيد بها غيري من الزوجات والمقبلات علي الزواج‏..‏ لكنني شعرت منذ فتره باحساس الزوجه ان هناك شيئا قد تغير في زوجي‏,‏ فلقد اصبح يثور كثيرا وهو المعروف بهدوء الطبع ويتذرع بالحجج الكثيره للخروج من البيت‏..‏ كما ان لغه الحوار قد توقفت بيننا وابتعدت المسافات‏,‏ ولانني اعرف كل خلجه من خلجاته فلقد تيقنت من ان هناك شيئا ما قد طرا عليه ولابد لي من اكتشافه‏,‏ وواجهت زوجي بافكاري فاذا به يعترف لي بلا مراوغه بان هناك امراه اخري‏!‏ كيف‏..‏ ولماذا‏..‏ وماذا حدث؟‏..‏ سالته عن كل ذلك وانا ذاهله فاذا به يقول لي انه النصيب وانه وجد نفسه متعلقا باخري‏!‏ ولانني كما قلت لك في البدايه اوثر الاعتماد علي العقل اكثر من العاطفه فلقد استغربت ان يفعل الانسان شيئا لايستطيع تبريره او الدفاع عنه وحاولت ان اعرف من زوجي اسباب مافعل‏,‏ فاذا به يتحدث عن اخطاء لي‏,‏ ويعتبرها مبررا لهذا التحول الذي طرا عليه‏..‏ ويكفي ان اقول لك عن هذه الاخطاء ان اخرها حدث منذ خمس سنوات ولايعدو الاشياء البسيطه التي تحدث بين اي زوجين‏,‏ وان من هذه الاخطاء ايضا ماكنت اظنه انا في سجل مميزاتي‏,‏ فلقد اعتبر محاولتي الدائمه لعدم الضغط عليه بمشاكل الابناء والبيت خطا من هذه الاخطاء‏,‏ وشكا من انه قد بدا يشعر بعدم اهميته في البيت‏,‏ وبان الابناء قد اصبحوا يعتمدون علي في حياتهم فقط دونه‏!‏ وقررت ان اسلك الطريق الصعب واستمر في محاوره عقله علي الرغم مما يعتصرني من الالم‏,‏ وقلت له اذا كان قد كرهني فمن الافضل لي ان يدعني لحالي ويسرحني باحسان‏,‏ فاذا به يرفض ذلك رفضا قاطعا ويقول لي انه لايستطيع الاستغناء عني ولا ان يتنفس هواء لا اتنفسه انا‏,‏ وانه سوف يحتفظ بي للنهايه ولو كان ذلك ضد ارادتي‏.‏ وكان المنطقي بعد ان اسمع منه هذا الجواب ان اطالبه في الحال بترك الاخري ما دام لايستطيع الاستغناء عني‏,‏ لكنه صدمني من جديد بانه لايستطيع ذلك ايضا لانه يريدها هي الاخري في نفس الوقت‏,‏ وبعد حوارات طويله ومريره معه‏..‏ عرفت انه يريدني ان اوافق علي زواجه منها وعلي استمرار علاقتي به دون اي تغيير‏,‏ ويتعلل في ذلك بالحق الشرعي له في الزواج مره اخري حتي ولو لم يكن يشكو شيئا من زوجته وام ابنائه‏,‏ وبانه قادر علي الانفاق علي الاسرتين وقادر ايضا علي العدل بينهما‏!‏ ولقد حار عقلي في فهم مايريد الرجل‏..‏ وماذا يرضيه‏..‏ انه يشكو من زوجته اذا اثقلته بمشاكل البيت والابناء‏..‏ ويشكو منها كما فعل زوجي اذا هي حملتها عنه واراحته منها‏..‏ واريد ان اسالك بضعه اسئله تنغص علي حياتي‏:‏ هل من العدل ياسيدي ان اتحمل انا قسوه البدايات وان اعيش في العسر سنوات واتسلم ارضا جرداء لا زرع فيها ولا ماء فارويها بشبابي وسنوات عمري عشرين عاما او اكثر الي ان توتي الارض ثمارها ويحين وقت الحصاد‏,‏ فاجد من تمد يدها معي لتجني نصف الثمار التي لم تروها بقطره ماء واحده ولم تشق في رعايه بذورها واشجارها؟ هل تستوي الزوجه الصالحه التي ترعي ربها في زوجها وبيتها وابنائها وليست مريضه بمرض يمنعها من اداء واجباتها الزوجيه‏,‏ ولا سيئه الطبع او العشره‏,‏ مع اخري لم ترع زوجا ولا بيتا ولا مالا ولم تحسن معاشره زوجها ولم تجد معها محاولات الاصلاح فبحث زوجها عن اخري وتزوجها حلا لمشكلته مع الاولي؟واذا لم يكن هناك فارق بين الزوجتين‏..‏ في مثل هذه الحاله‏..‏ فلماذا اذن تسعي امراه لكي تكون زوجه صالحه اذا كانت النتيجه واحده في النهايه وهي تعلل الرجل بالحق الشرعي في الزواج من غيرها؟ثم اريد في النهايه ان اسال تلك الغافله‏:‏ الا تعلم هي حقا ان من عاشر زوجته عشرين عاما لم يشتك منها خلالها وكان دائم الاشاده بها في كل مناسبه حتي ظهرت هي في حياته‏..‏ اسال هذه الغافله‏:‏ هل تتوقع حقا ان يستمر زواجها بمثل هذا الرجل؟‏..‏ وهل تتصور انه لن يجيء الوقت الذي يشعر فيه بالحنين لزوجته التي يقول انه لايستطيع الا يتنفس الهواء الذي تتنفسه‏,‏ فيكره المراه التي ابعدته عنها ويشعر انها قد اغوته ويعتبرها مسئوله عن فقدانه لزوجته واسرته؟‏..‏ وهل تظن حقا ان مايشعر به تجاهها ليس سوي رغبه رجل يحس بانه يريد امراه اضافيه لنفسه متعللا في هذه الرغبه بالرخصه الشرعيه في الزواج الثاني؟‏!‏وبماذا انصح ابنتي ياسيدي عند الزواج‏..‏ هل انصحها بان تكرر ما فعلته انا وتختار شابا يحبها وله اخلاقياته وتدينه ومبادئه ومستقبله الذي يبشر بالخير كوالدها فتكافح معه بضع سنوات وتتحمل عناء البدايه والسنوات العجاف الي ان تبدا في جني ثمار الكفاح؟‏..‏ ام تري ان انصحها بالا تتعب نفسها في الكفاح والصبر وبان تنتظر رجلا حان وقت قطاف ثماره‏,‏ فتشارك زوجه اخري مكافحه في جني هذه الثمار او تستاثر به دونها كما تفعل الان هذه الاخري التي كدرت سماء حياتي؟‏..‏انني حائره ومتخبطه‏..‏ فماذا تقول لي؟ *‏ ولكاتبه هذه الرساله اقول‏ اقسي من الالم ان تضطرنا الظروف القاسيه في بعض الاحيان الي التجاوز عن الامنا‏,‏ لكي نناقش بصبر وموضوعيه مع من صنعوا لنا هذا الالم ونحاول اقناعهم بالعدول عما يفعلون بنا‏,‏ ونتحمل مجادلاتهم وادعاءاتهم لتبرير مافعلوا بنا‏.‏ولان الحياه ليست في كل الاحوال نزهه شاعريه في نهر هاديء الامواج‏,‏ فمن واجبنا ان ندرب انفسنا علي تجاوز الالم في بعض الاحيان الي مناقشه صانعيه في اسباب ايلامهم لنا‏,‏ وكيفيه عدولهم عما يولموننا به‏,‏ وكانما نتحدث في ذلك عن مشكله صديق نهتم بامره وليس عن الامنا الشخصيه وتعاستنا الخاصه‏.‏ولقد لفت انتباهي في رسالتك وانت تناقشين مع زوجك اسباب رغبته في الارتباط باخري علي الرغم من خلو علاقتكما الزوجيه من اسباب واضحه للشكوي او التعاسه‏,‏ انه قد بدا المناقشه بتعليل ذلك في البدايه ب النصيب جريا علي عادتنا نحن البشر في نسبه نزواتنا واخطائنا وضعفنا البشري الي قوي غيبيه غامضه نبدو معها وكاننا مسيرون فيما نفعل رغما عنا ولسنا مخيرين فيما نختاره لانفسنا من اختيارات‏,‏ وحين لم يكف هذا التبرير القدري لاقناعك وهو غير مقنع بالفعل‏,‏ فلقد راح يسترجع مايعتبره من اخطائك ويبرر به تحوله ووقوعه في هوي تلك الاخري‏,‏ والتماس الاخطاء للاخرين حيله نفسيه معروفه لتبرير اساءه المرء لهم‏,‏ وكانما يريد بذلك ان يعفي نفسه من الاحساس بالذنب تجاههم بادعاء ان الاخرين يستحقون ما ارتكبه ضدهم من اساءات‏..‏ وبالتالي فلا لوم عليه فيما فعل ولا تثريب‏,‏ وكلتا المحاولتين خاطئتان وظالمتان بكل تاكيد‏,‏ فتعليق اخطائنا ونزواتنا وبدوات انفسنا علي النصيب محاوله فاشله للزعم بانعدام الاراده فيما نفعل ونختار‏,‏ وهو مايتنافي حقا وصدقا مع الواقع والحقيقه في معظم الاحيان‏.‏ ومحاوله التماس الاخطاء لك‏,‏ دوافعها النفسيه واضحه ومفهومه وهي ميل الانسان الغريزي للرثاء لنفسه‏..‏ وتفضيله في كثير من الاحيان لان يعتبر نفسه ضحيه للغير وليس جانيا عليهم‏,‏ وخطوره الغدر ممن لايتوقع منهم الانسان الا الوفاء‏,‏ هو انه يهز القيم والمثل في نفس المغدور به‏,‏ وانه يشككه في جدوي التزامه بالمباديء والقيم التي يري نفسه ملتزما بها‏..‏ ولهذا فمن العدل ان نتعامل مع الخطا باعتباره تصرفا فرديا او نزوه عابره ترجع في اسبابها الي ضعف مرتكبها وليس الي عيب في هذه المباديء‏,‏ فلا يغير من ذلك ثوابتنا الاخلاقيه ولا يفقدنا الايمان بخيريه المباديء القويمه والقيم المثلي‏,‏ ولهذا فلسوف تجدين نفسك ياسيدتي بالضروره وليس بالاختيار تنصحين ابنتك بان تكرر قصتك انت مع الزواج وليست قصه الاخري قاطفه الثمار‏,‏ لانها المثل السوي الذي ينبغي تكراره مهما اعترض الحياه من عثرات وهفوات‏,‏ ولسوف تجدين نفسك مطالبه باعلاء نفس مثلك وافكارك عن الحياه الزوجيه السويه لديها‏..‏ من ارتباط بشاب مناسب لها في السن والكفاح معه وتحمل صعوبات البدايه الي ان يوتي زرعها حصاده وتستمتع بثمراته‏,‏ ولن يغير من ذلك شيئا ان والدها قد فاجاك بعد‏20‏ عاما من العشره الطيبه بوقوعه في هوي اخري ورغبته في الجمع بين الحسنيين في حياته‏,‏ زوجته الاولي وحياته المستقره معها ومع ابنائه‏,‏ وهواه الجديد وارتشاف الرحيق الموهوم فيه بالطريق المشروع‏,‏ ولا عجب في ذلك لان نهجك في الزواج هو القاعده‏,‏ ولان رغبه زوجك في التمتع باخري بلا اي مبررات جاده او نقص يشكوه في حياته معك هو الاستثناء‏,‏ وسيظل كذلك الي ابد الابدين‏.‏ولقد قلت مرارا ان الحلم المستحيل الذي يراود كل زوج يقع في هوي امراه اخري او يتوهم ذلك‏,‏ هو ان يحتفظ بزوجته الاولي وحياته معها واستقرار ابنائه في كنفها‏,‏ ثم يمرح هو كيفما يشاء مع زوجته الجديده زاعما لنفسه انه يحقق العدل بينها وبين زوجته الاولي ورفيقه كفاحه‏,‏ ومطمئنا الي ان اسرته الاولي لم تنهدم بالانفصال‏,‏ وان استقرار الابناء وسعادتهم لم يتاثرا بزواجه العاطفي الاخر‏.‏ولهذا فهو يكافح حتي الرمق الاخير لكي لايكون ثمن استجابته لنداء العاطفه او المغامره‏,‏ هو تهدم اسرته الاولي وتمزق ابنائه بينه وبين زوجته‏,‏ ولا يتخلي عن الامل في ان ينجح بكل الحيل في اقناع زوجته الاولي بالاستمرار‏,‏ زاعما لها انه لايستطيع الاستغناء عنها او انه لايقدر علي الا يتنفس الهواء الذي تتنفسه كما يقول لك زوجك‏,‏ ولا شك فيما يحمله هذا الزعم من تناقض غريب لايتفق مع المنطق ولا مع الطبيعه البشريه‏,‏ لان من لايقوي علي مفارقه زوجته لاسباب عاطفيه وليس لحاجته اليها لرعايه ابنائه والحفاظ علي كيان الاسره ينبغي له الا يقدركذلك اذا كان صادقا في زعمه علي ايلام زوجته واشراك امراه اخري لها في مشاعره واهتماماته وحياته‏,‏ ولهذا فان نصيحتي لكل من تواجه هذا الموقف العصيب هي الا تسلم نفسيا بقبول هذا الوضع الذي يرغب زوجها في فرضه عليها‏,‏ لكي يقلل من فاتوره الخسائر العائليه بسبب زواجه الاخر‏,‏ وان تتمسك بالرفض النفسي لذلك حتي ولو اثرت تغليب اعتبارات الابناء علي اعتباراتها الشخصيه وفضلت الاستمرار مع زوجها حمايه لابنائها واحتفاظا بحقها المشروع في الا تنسحب من الارض التي روتها بعرقها ودموعها وتخليها طائعه لمن لم تظهر في الافق الا في موسم الحصاد‏!‏وكثيرات هن من يرجحن مصلحه الابناء علي الكرامه الشخصيه والاعتبارات العاطفيه‏,‏ لكنهن يتمسكن في نفس الوقت بالرفض النفسي لما يرغب شريك الحياه في فرضه عليهن بشتي الحيل والمزاعم الي ان يكتشف الزوج زيف المغريات ويرجع نادما الي من اساء اليهن‏..‏ فاذا كان لي ان اضيف الي ماقلت شيئا فلعلي اقول فقط انني قد توقفت خلال سردك لقصتك امام ماقلت عن نفسك من انك كنت تواجهين مع زوجك مشكله واحده هي انك لا تجيدين التعبير عن الحب بالاقوال وتوثرين التعبير عنه بالافعال وحدها وباهتمامك بزوجك ووضعه دائما علي راس اولوياتك واهتماماتك‏,‏ ويتسق ذلك مع ماقلت في موضع اخر من ان ظروفك العائليه قد اورثتك ايثار الاعتماد علي العقل اكثر من العاطفه‏..‏ ولا شك في ان الاعتماد علي العقل في تصرفات الانسان واختياراته امر مطلوب دائما‏,‏ ولكن دون اهمال في نفس الوقت لدور العاطفه في حياته والا خلت الحياه من بعض مباهجها ومن كثير مما يجعل الانسان انسانا‏..‏ وكذلك فان التعبير عن الحب بالافعال والتصرفات امر ايجابي ومرغوب بالفعل‏,‏ لكن ذلك لايبرر ابدا اغفال التعبير عنه كذلك بالكلمه الرقيقه واللفته الحانيه‏,‏ والا ظن الشريك في شريكه جمود العاطفه وجفاف القلب‏..‏ ونفس الشيء يمكن ان يقال عن شكوي زوجك من ان الابناء قد اصبحوا يعتمدون في حياتهم عليك دونه‏,‏ وانه لايشعر باهميته لدي ابنائه وفي بيته‏,‏ فالحق ان دوافعك لعدم ارهاق زوجك بمشاكل الابناء والبيت كانت دوافع مخلصه وتهدف الي التخفيف عن كاهله بدلا من اثقاله بالمتاعب الاسريه‏,‏ لكن المثل الانجليزي القديم يقول لنا ايضا‏:‏ ان الطريق الي الجحيم كثيرا مايكون مفروشا في بعض الاحيان بالنيات الحسنه‏!!‏ وبالتالي فلقد كان من حسن الادراك والفهم ايضا الا تتجاوز رغبتك في التخفيف عن زوجك الحدود الامنه لها فتبدو في نظره وكانها ابعاد له عن شئون ابنائه وبيته وليس اشفاقا عليه من اثقاله بها‏..‏ وكان من حسن الادراك كذلك الا يشعر الزوج ابدا بان الحياه في بيته تدور حول محور اخر سواه مهما كانت نيه هذا المحور الاخر طيبه ودوافعه نبيله‏,‏ ومن هذا القبيل ايضا الا يشعر الزوج والاب ان ابناءه ليسوا قريبين منه بنفس درجه قربهم من امهم‏,‏ وانه لايواجه في حياته العائليه حربا خفيه مع شريكه حياته لاستقطاب ابنائها اليها‏..‏ وليس اليه‏,‏ فلماذا لاتناقشين كل ذلك مع زوجك من جديد‏..‏ ولماذا لاتواصلين جهادك المقدس للاحتفاظ به لنفسك وابنائك دون الاخريات‏..‏ان الاوان لم يفت بعد لتعديل الافكار وتصحيح المسار‏..‏ ومقاومه الغزاه‏..‏ فلماذا لاتكررين المحاوله مره اخري؟

الجمعة، أكتوبر 30

الضمير الداخلي

الي
هذه السيده الفاضله‏,‏ التي كتبت الي بريد الجمعه برسالتها النبيله‏,‏ حول ما املاه عليها ضميرها والقاضي العادل القابع في اعماقها‏,‏ لتعطي لكل ذي حق حقه‏,‏ حيث رفض ذلك الضمير ما تعارف عليه الناس من القوانين الوضعيه‏,‏ فيما يتعلق بالعلاقه بين الملاك والمستاجرين‏,‏ وهي مشكله مطروحه بالحاح هذه الايام‏,‏ خصوصا ان القيمه الايجاريه للمساكن القديمه‏,‏ لا تكاد تكفي لشراء نصف كيلو من اللحم في هذه الايام‏.‏اذن فماذا فعلت هذه السيده الفاضله؟‏..‏ لقد لجات الي ضميرها الداخلي الذي ظل يرفع القيمه الايجاريه للمسكن الذي تقيم به‏,‏ والتي لا تكفي لشراء كيلو من اللحم كما ذكرت‏,‏ وظلت ترفع هذه القيمه حتي وصلت الي‏230‏ جنيها‏,‏ ولكن مالك المسكن‏,‏ رفض ان يتقاضي منها الا‏200‏ جنيه فقط كقيمه ايجاريه عن هذا المسكن‏.‏ واسمحوا لي اولا ان احيي هيئه القضاه والمحلفين الذين يحكمون اعماق هذه السيده الفاضله‏,‏ التي هوت علي ضمائرنا بمقارع من حديد حتي نراجع ويراجع الجميع معنا طبيعه العلاقه والقيمه الايجاريه الجائره لاصحاب هذه المساكن القديمه‏,‏وفي الوقت نفسه اهيب باصحاب المساكن الجديده عدم المغالاه في القيمه الايجاريه او التمليك‏,‏ لان هناك شبابا وكثيرين من ذوي الحاجات لا يستطيعون الوفاء بالقيم المغالي فيها‏.‏

الجمعة، أكتوبر 23

بطاقات الدعوة

اقرا بريد الجمعه منذ فتره طويله‏..‏ والاحظ في كثير من ردودك انك تحاول جاهدا التخفيف عن بعض قرائك الذين يشكون لك ضياع بعض فرص الحياه منهم بعد ان تطلعوا اليها بشده‏,‏ وانعقدت امالهم عليها طويلا‏,‏ فتنصحهم بعدم التوقف امام ما لم تسمح لهم به الحياه‏,‏ وبالتطلع الي التعويض الالهي لهم عن كل ما فاتهم من اسباب السعاده‏,‏ موكدا لهم انه سوف يجيء اليهم حين تاذن بذلك السماء‏.‏ واود ان اروي لك قصتي لعلك تجد فيها ما يفيد غيري من القراء‏.‏فانا شاب في منتصف الثلاثينات من عمري‏,‏ اقيم في مدينه ساحليه‏,‏ وقد تطلعت منذ بضع سنوات الي الارتباط بشريكه الحياه‏,‏ فتقدمت لابنه رجل فاضل طالبا يدها‏..‏ ورحبت الاسرتان بهذا الارتباط‏..‏ وغمرتني اسره الفتاه بحبها واهتمامها‏,‏ واحببت فتاتي باحترام كامل واحببت كل افراد اسرتها‏..‏ وتبادلت الاسرتان الزيارات في جو من الود والابتهاج‏,‏ وتم الاتفاق علي كل التفاصيل‏..‏ وتحدد موعد الخطبه المباركه واشتريت الشبكه التي ساقدمها لعروسي وطبعت بطاقات الدعوه وتم توزيعها علي افراد الاسرتين والاهل والاقارب‏,‏ وقمت بتعليق احدي هذه البطاقات علي مدخل المكان الذي ستتم فيه الخطبه‏,‏ وتم اعداد كل المستلزمات للحفل البهيج واشترت فتاتي فستان الشبكه الجميل‏,‏ واستغرقت انا في الاحلام الورديه الجميله اتخيل فتاتي وانا اضع في اصبعها دبله الخطبه وامي تترقرق عيناها بدموع الفرح‏,‏ ووالدتها مبتهجه والاخوه من حولنا سعداء‏..‏ وتسلمت البدله التي سارتديها في حفل الخطبه واعددت القميص وربطه العنق والجورب والحذاء اللامع‏,‏ ولم يتبق سوي يومين فقط علي الحدث السعيد‏,‏ فاذا بوالد فتاتي يتصل باسرتي ويعتذر لها فجاه عن عدم اتمام الخطبه بدون ايه اسباب واضحه سوي هذه العباره المبهمه حول انه ليس هناك نصيب‏!‏وحاولت مع والد فتاتي بكل السبل ان اعرف منه سببا محددا للرفض المفاجيء فلم انجح في ذلك‏..‏ وتخيلت حرجي الشديد مع الاهل والاصدقاء الذين دعوتهم لحضور الخطبه‏..‏ وكيف سابرر لهم الغاءها‏,‏ فتوسلت لوالد فتاتي ان يحفظ علي كرامتي وان يقبل باتمام الخطبه في اضيق الحدود حتي ولو كانت النيه قد انعقدت لديه علي رفض ارتباطي بابنته ثم بعد فتره قصيره يقوم هو بفسخها باي مبرر لا يسيء الي ولا الي الفتاه‏,‏ كالزعم مثلا باننا قد اختلفنا حول بعض الماديات او حول مقر اقامتنا بعد الزواج خاصه وان اسره فتاتي تقيم بالقاهره واسرتي تقيم بالمدينه الساحليه‏,‏ وحاول الاب فيما علمت اشفاقا منه علي موقفي ان يفعل ذلك لكن ابنته رفضت ذلك رفضا باتا‏,‏ واصرت علي عدم اتمام الخطبه باي شكل من الاشكال رغم توسل الجميع لها بالعدول عن موقفها‏,‏ ورغم رجائهم لها بالقبول حرصا علي كرامه شاب لم يسيء اليها في شيء‏..‏ وسلمت امري لله‏..‏ والغيت حجز المكان المقرر لاقامه حفل الخطبه‏..‏ واعتذرت علي استحياء لمن سبق لي ان دعوتهم من الاصدقاء والزملاء الي الحفل‏,‏ وتولت اسرتي الاعتذار عني للاهل واقرباء‏..‏ وكان موقفا عصيبا لا اتمناه لاي انسان في الوجود‏..‏ وشعرت انا بطعنه داميه في قلبي وكرامتي‏..‏ وتساءلت متالما عما دعا فتاتي واسرتها للقبول بي ثم الي رفضي بهذه الطريقه المهينه‏,‏ وماذا اخطات فيه‏..‏ وماذا جنيته حتي اتعرض لهذه المحنه؟‏,‏ ثم علمت من بعض الاهل ان فتاتي ووالدها قد علما باني مصاب باحد الامراض الخلقيه التي تلازم المرء طوال حياته‏,‏ لكنها لا تضره ولا توذيه طالما يعيش حياته محافظا علي نفسه من ايه مخاطره قد تودي الي جرحه‏,‏ وتعجبت لما سمعت وقد صارحت فتاتي في بدايه تعارفنا بكل ذلك واطلعت اسرتها علي نتائج التحاليل الخاصه بي‏,‏ واتصلت الاسره بطبيبي المعالج فطمانهم علي حالتي‏,‏ واكد لهم انه لا خوف من اتمام الزواج وان الحاله التي اعانيها ليست مخيفه ولا تتطلب مني سوي الاحتراس فقط‏,‏ وانه حتي لو استدعي الامر اجراء جراحه ذات يوم فالعلاج معروف والشفاء مضمون باذن الله‏..‏ وما اكثر ما يتزوج امثالي كل يوم وينجبون ويعيشون حياتهم في سعاده وامان‏.‏وانطويت علي احزاني‏..‏ وواصلت حياتي محاولا نسيان ماحدث‏..‏ واعتزمت الا اعرض نفسي لهذه التجربه القاسيه مره اخري‏,‏ غير ان الايام مضت بخيرها وشرها‏..‏ وراح الاهل يلحون علي من جديد بالبحث عن شريكه الحياه‏..‏ فتقدمت لفتاه اخري حاملا معي تقاريري الطبيه وقبل ان اطلب يدها اطلعتها علي حالتي‏,‏ وطلبت منها ان تسال كبار الاخصائيين عن هذه الحاله قبل ان تجيبني بالرفض او القبول‏,‏ وتركت التقارير لديها راجيا فقط استعادتها في الحالتين‏,‏ وامضيت فتره الانتظار مترقبا وموملا في رحمه الله سبحانه وتعالي الا تتخلي عني هذه المره‏,‏ وبعد ايام فوجئت بمن يدعوني لزياره الاسره والتقدم رسميا لطلب يد ابنتها‏,‏ لان الاسره قد استشارت كبار الاخصائيين بالفعل فاكدوا لها صلاحيتي للزواج بلا مخاطر‏..,‏ وسعدت بذلك سعاده كبيره واعتبرته تعويض السماء لي عما تجرعته من الام سابقه بلا ذنب جنيته‏..‏ واقيم حفل الخطبه في موعده هذه المره بلا مفاجات ولا احزان‏,‏ واثبتت لي تجربه الايام ان السماء قد اختارت لي هذه الفتاه لكي تعوضني عن كل ما تالمت له من قبل‏,‏ وانها السعاده المدخره التي تقول انت في بعض ردودك ان السماء قد تحتفظ بها في علم الغيب لكي تهبها لمن يستحقها في الوقت المناسب‏.‏وتزوجنا وسعدنا بحياتنا معا‏,‏ وازداد ارتباطنا وعمق تفاهمنا علي مر الايام وبعد عام من الزواج وهبنا الله طفلا جميلا ملا حياتنا بهجه وسرورا‏..‏هژںه¸–هœ°ه‌€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]اما فتاتي الاولي فلقد مضت في طريق اخر وتزوجت غير اني قد علمت انه لم يستقر لها حمل منذ زواجها بالرغم من تكرار الحمل والتزامها الراحه التامه في الفراش في كل مره‏,‏ كما علمت ايضا انها كلما حملت تعرضت للاجهاض قبل اكتمال الحمل‏,‏ ولم اسعد بذلك ولم افرح له‏,‏ كما قد يتصور احد اذ ماذا يفيدني ذلك وقد افترقت بنا الطرق وسار كل منا في اتجاه مختلف‏,‏ غير اني اتساءل بالرغم من كل ذلك هل ما تعرضت له فتاتي السابقه هو عداله السماء‏..‏ او انتقامها منها لخذلانها لشاب تقدم اليها طالبا السعاده معها ولم يخف عنها من امره شيئا؟ان حزن هذه السيده لن يسعدني‏..‏ وليس لي فيه يد ولعلها لو اتجهت الي الله سبحانه وتعالي بنفس راضيه ان يغفر لها ما فعلته بي فقد يغفر لها ويرزقها النسل الصالح‏..‏ وكل ما ارجوه هو الا تسيء الظن بي وتتوهم اني شامت فيها‏..‏ بعد ما كان من امرها‏..‏ والسلام‏.‏
ولكاتب هذه الرساله اقول‏:‏
الخطا الحقيقي في قصتك مع فتاتك السابقه هذه‏,‏ ليس في تراجعها عن اتمام مشروع الارتباط بك لاسباب راتها حتي ولو اختلفنا معها فيها‏,‏ وانما في توقيت اعلانها لك هذا الانسحاب المباغت قبل يومين فقط من حفل الخطبه وبعد اتمام كل الاستعدادات لها وتوزيع بطاقات الدعوه لحضورها‏,‏ فالتعارف العائلي بهدف الارتباط هو في النهايه مشروع اتفاق قابل للاستكمال والمضي به الي غايته‏,‏ وقابل ايضا للرجوع عنه من جانب احد الطرفين او كليهما لايه اسباب يقدرانها‏,‏ ولقد شرعت الخطبه اصلا لكي تكون فتره للتعارف الحميم واختبار المشاعر‏..‏ وامتحان كل طرف لرغبته في الاخر‏,‏ فاذا جاءت موشراتها ايجابيه مضي في مشروع الارتباط الي نهايته‏,‏ واذا لم يحدث ذلك اعتذر عن عدم اتمامه‏,‏ وبحث عن غايته في طريق اخر‏,‏ وليس يضير احدا ان يفشل مشروع خطبته لاحد اذا روعي في ذلك الالتزام بالاعراف السائده واحترام المشاعر والكرامات‏..‏ ولهذا فاننا لا نلوم احدا لمجرد انه قد فسخ ارتباطه باخر لاسباب راها‏..‏ حتي ولو لم تكن عادله او مقنعه للاخرين‏,‏ لان كل انسان ادري بما يحتاج اليه ولان من لا يصلح لانسان قد يصلح لغيره‏..‏ لكننا نلوم فقط من لا يراعي اعتبارات الاخرين وكرامتهم ومشاعرهم عند اتخاذ مثل هذا القرار وخطا فتاتك السابقه الحقيقي يتمثل في ترددها في اتخاذ القرار بالقبول بحالتك الصحيه التي لاخطر فيها عليك بشرط الاحتراس والالتزام‏,‏ او بالاعتراف بعدم رغبتها او قدرتها علي المخاطره ومعايشه التجربه بجوانبها المختلفه‏,‏ والواضح هو انها قد ترددت بين القبول والرفض غير المعلن طويلا حتي اذا ما اقترب موعد اعلان الخطبه واوشك الامر ان يخرج الي العلن‏..‏ انتصرت لديها نوازع النفس التي ترجو لصاحبها دائما الافضل والارفع دائما من كل الاشياء‏..‏ وتشفق عليه من القبول بايه مخاطره ولو كانت هينه فباغتت الجميع بتراجعها عن الخطبه وتصرفت في ذلك وفقا لما يتفق مع اعتباراتها الذاتيه وحدها‏,‏ وبغير ان تضع في حسابها اثر هذا القرار المباغت علي الطرف الاخر في الارتباط او علي مشاعره وكرامته الشخصيه ومشاعر اسرته وكرامتها‏..‏والفضلاء من الناس هم من لا يتخذون قراراتهم واختياراتهم وفقا لاعتباراتهم الشخصيه وحدها‏,‏ بغض النظر عن انعكاساتها علي مصالح الاخرين ومشاعرهم وكرامتهم‏.‏وانما يحاولون دائما ان يضعوا اعتبارات الاخرين في حساباتهم وان يخففوا بقدر الامكان من تعارض رغباتهم ومصالحهم مع رغبات الاخرين ومصالحهم وقد يضحون في سبيل تجنب ايلام الاخرين والتخفيف عنهم بتحمل بعض العناء‏..‏ ولا عجب في ذلك‏..‏ لان الحياه لا تستقيم اذا انطلق فيها البشر كالوحوش الضاريه يسعون وراء اهدافهم ورغباتهم وحدها بلا قيود ولا حدود‏,‏ وبغير ان يضعوا في حسابهم حقوق الاخرين ومشاعرهم واعتباراتهم‏..‏وكل ما تعرضت له من الام وجرح للمشاعر والكرامه لم ينجم عن رفض هذه الفتاه للارتباط بك تخوفا من حالتك الصحيه‏..‏ ولو كانت قد فعلت ذلك بشكل كريم خلال فتره التعارف الاولي لما لامها احد علي اختيارها‏,‏ وانما نجم اساسا علي انها قد ضحت بكل ما تمثله لك ولاسرتك هذه الخطبه من اعتبارات بعد اعلانها للاخرين‏,‏ وجابهتكم جميعا بالخذلان بعد ان عرف الجميع موعدها‏..‏ ولقد كانت تستطيع ان تخفف كثيرا من وقع الصدمه عليك لو كانت قد قبلت باتمام الخطبه شكليا‏,‏ ثم فسخها في هدوء بعد حين‏,‏ لكنها اثرت الا تضحي بشيء من نفسها لاصلاح خطا ارتكبته حين ترددت طويلا قبل حسم اختيارها‏..‏ فاذا كان لايسعد ايه فتاه بالفعل ان تكون لها سابقه خطبه فاشله حتي ولو كانت هي التي رغبت في انهائها‏,‏ واذا لم يكم من اليسير بالفعل علي ايه فتاه ان تجابه الجميع في حفل عام لخطبتها وهي تضمر في نفسها فسخها بعد ايام او اسابيع‏..,‏ فلقد كان من واجب هذه الفتاه ان تضحي من نفسها بعض الشيء بقبول هذا العناء ابراء لذمتها تجاه الشاب الذي لم يخطيء في حقها‏,‏ ولم يرتكب اثما حين طلب السعاده معها بالطريق المشروع‏..,‏ ولا ذنب له في حالته الصحيه التي اثارت هواجسها‏..‏ وبالرغم من ذلك فلست اري لك وقد عوضك الله عنها خيرا وسعدت بحياتك الجديده وانجبت طفلا جميلا‏..‏ واثبتت الايام ان حالتك الصحيه لاتحول بينك وبين السعاده والامان‏,‏ لست اري لك ان تظل منشغل الخاطر بمن رفضتك من قبل والمتك‏..‏ حتي ولو كان هذا الانشغال بعقد المقارنه بين توفيق الله سبحانه وتعالي لك في حياتك الشخصيه‏,‏ وبين تعثر حظ فتاتك السابقه‏,‏ مع الحمل والانجاب‏..,‏ ذلك انه حتي المقارنه ليست من حسن شكر الانسان لربه علي ما انعم به عليه من نعم جليله‏,‏ انها لاتفيد الشكر وحده‏..‏ ولا الاشفاق علي الغير وحده‏..‏ وانما تفيد ايضا ولو بطريقه لاشعوريه شبهه الشماته والتشفي في حظوظ من ظلمونا وجرحوا مشاعرنا واثروا غيرنا علينا‏.‏ولو لم تكن تفيد ذلك لما ذكرناها في موضع ذكر اساءات من اساءوا الينا‏,‏ ولاكتفينا بالشكر علي النعم‏..‏ ورجونا للاخرين مثل ما نعمنا به‏,‏ فالصفح الحقيقي هو النسيان التام ومرور الاعوام علينا بغير ان نتذكر من اساءوا الينا او ننشغل بتتبع حظوظهم في الحياه‏..‏ والشماته فيهم او الرثاء لهم‏..‏ لانه حتي هذا الرثاء لايخلو من شبهه الاعتداد بحظوظنا بالمقارنه بحظوظهم في الحياه اللهم الا اذا كان خالصا لوجه الله‏..‏ وكل ذلك ليس من الصحه النفسيه ولا من السلام النفسي في شيء‏..‏ فلاتسمح لهذه المشاعر السلبيه بان تفسد عليك صفاء نفسك وحسن شكرك لربك علي تعويضه العادل لك عما تعرضت له من قبل ودافع عن سعادتك بتطهير النفس من كل الشوائب عسي ان يكون ذلك هو شفيعك عند ربك ان يحفظ عليك نعمه ويجزل لك منها العطاء‏..‏:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::

الجمعة، أكتوبر 9

النوافذ المغلقه

بريد الاهرام نشر هذة الرسالة في السنه 123-العدد 40961الجمعه 29 يناير‏1999 ‏12 من شوال 1419 ه
ليست رسالتي هذه عن مشكله شخصيه لي وانما عن قصه انسانيه مولمه لم اعاصر بداياتها‏..‏ ولكني شهدت اثارها البشعه وتالمت لها‏..‏ فانا طالب باحدي الكليات العمليه‏,‏ وامر كل يوم في طريقي من بيتي لركوب وسيله المواصلات التي تحملني الي كليتي علي منزل صغير قديم بحي عين شمس له حديقه ذات باب حديدي صديء تظهر من خلال فتحاته اطلال حديقه تمتليء بالاشجار واصص الزهور والتكعيبات الخشبيه التي تتسلق عليها النباتات المختلفه‏,‏ ولقد لفت نظري من خلال مروري بهذا البيت يوما بعد يوم ان الحديقه رغم اشجارها وزهورها وتكعيباتها ميته وان اوراق الشجر والزهور قد جفت بسبب نقص الماء فيما تصورت‏,‏ ثم شاهدت صاحبه هذا البيت او المقيمه فيه فرايتها سيده نحيله وهزيله الجسم للغايه وشاحبه الوجه وتعبر قسماتها بغير كلام عن كل ماتعاني منه‏..‏واثارت هذه السيده النحيله وحديقتها الميته فضولي فسالت عن قصتها وعرفت انها تعيش في هذا المنزل وحيده‏,‏ وانها ارمله لمهندس زراعي كان يعاني من مشكله في الانجاب‏,‏ فلم يرزقا باطفال‏,‏ وعوض هو افتقاد الاطفال في حياته بتركيز كل اهتمامه ووقته للعنايه بهذا البيت وتجميله ورعايه الحديقه وزراعتها وتنسيقها‏,‏ وكان بالرغم من ذلك بخيلا ومقترا علي زوجته فلا يعطيها ايه نقود بالمره‏,‏ وانما ياتي هو بمتطلبات البيت اولا باول ويحاسبها ويدقق معها بشده في نفقات المعيشه‏,‏ واستمرت حياتها معه علي هذا النحو لمده‏12‏ عاما‏,‏ ثم حدث ان صدمته سياره مسرعه وهو يعبر الطريق فتوفي علي الفور‏,‏ وشيع الي مثواه الاخير وبكته ارملته كثيرا‏..‏ وفقدت بفقده رغم كل شيء الرفيق والشريك والسند الوحيد في الحياه‏,‏ فلم تكد تمضي بضعه ايام علي وحدتها في هذا البيت‏,‏ حتي كشف لها اخوه زوجها عن حقيقه مذهله‏..‏ هي انها ليست ارمله شقيقهم الراحل‏,‏ وانما هي مطلقته‏..‏ وبالتالي فلا حق لها في شيء من ميراثه او معاشه‏,‏ او في البقاء في البيت الخالي بعد وفاته‏!!‏ وقدم لها الاخوه وثيقه طلاق تثبت طلاقه لها بالفعل قبل ثلاث سنوات من رحيله عن الحياه‏..‏ وصدمت السيده صدمه مزلزله‏..‏ وتساءلت مع اي رجل كانت تعيش وقد كان حتي وفاته يحيا معها حياه زوجيه كامله؟‏!‏وبعد الصدمه المروعه والجرح النفسي الغائر‏,‏ بدات رحله المعاناه للمطالبه بحقوقها عن طريق القضاء وطعنت بالتزوير في وثيقه الطلاق‏,‏ فاذا بتقرير الخبير يثبت صحتها‏,‏ واسقط في يد الارمله الحائره‏..‏ ونتج عن اثبات صحه وثيقه الطلاق حرمانها من ايه حقوق لها في الميراث عن زوجها وفي المعاش كذلك‏..‏ واخذت المحكمه تقديرا لظروفها بشهاده جيرانها الذين تطوعوا للشهاده لصالحها واكدوا جميعا انها كانت حتي اليوم الاخير من حياه زوجها تعيش معه في بيته حياه زوجيه طبيعيه بلا مشاكل ولا ازمات‏,‏ وانها لم تعرف ابدا ولم يعرف احد من الجيران انه قد طلقها‏..‏ ولم يشر حالهما اطلاقا الي انهما مطلقان او منفصلان‏,‏ فقضت لها المحكمه رافه بحالها بالبقاء في منزل الزوجيه‏,‏ وكفت ايدي اخوه الزوج عن التصرف في البيت طوال حياتها‏,‏ ورفضت الدعوي التي اقامها عليها الاخوه لطردها منه‏.‏وهكذا واجهت هذه السيده الحياه بعد رحيل زوجها‏..‏ وهي تقيم في بيت لاتملك طوبه واحده منه ولا حق لها عليه‏..‏ وبلا اي ميراث او معاش وبلا مدخرات ولا اقارب يتكفلون بها‏..‏ وعلي عكس مايفعله الزوج الطيب الذي يرحل عن الحياه فيترك لزوجته الذكريات الجميله وما يقيم اودها ويقيها شر الحاجه‏,‏ فلقد رحل هذا الزوج عن الحياه تاركا لها الاحساس المر بالدنس والعار‏,‏ والحاجه‏,‏ مما يجعلها كما علمت تلعنه في كل صلاه ومع كل اذان بدلا من ان تترحم عليه‏!‏وشيئا فشيئا نفد كل ماكانت تملكه من مصاغ قليل باعته لكي تسد بثمنه رمقها‏,‏ وانعكس حالها المولم علي حال الحديقه التي كانت زاهره‏..‏ فتماثل الاثنان في المحنه وغدر الايام بهما فهزل جسم السيده‏,‏ وجفت دماء الحياه فيها تدريجيا من اثر سوء التغذيه‏,‏ وذبلت اشجار الحديقه وجفت اوراق اصص الزهور وماتت النباتات المتسلقه لقله الماء ونقص الرعايه‏,‏ فلقد تراكمت علي هذه السيده فواتير الماء والكهرباء‏,‏ حتي انتهي الامر بقطعهما عنها نهائيا منذ عده سنوات‏,‏ ومنذ ذلك الحين والسيده تعيش في ظلام دامس وبدون قطره ماء‏..‏ ووهنت قواها حتي لم تعد تقوي علي فتح نوافذ البيت كل فتره لتهويته‏,‏ فيظل مغلق الابواب والنوافذ دائما وكانه مقبره‏,‏ وشكت السيده من الام مبرحه في قدميها حتي كادت تعجزها عن الحركه‏,‏ ولقد يمر عليها اليوم واليومان والايام الثلاثه دون ان تقوي علي فتح نوافذ بيتها‏,‏ ناهيك عن ان تجد مايقيم اودها‏..‏ ولك ان تتخيل ياسيدي ان هذه السيده رغم كل ماتعانيه‏,‏ فان ما اعطيه لها من ماء قليل كل فتره او يعطيه لها جيرانها‏..‏ فانها تستخدمه في النظافه والوضوء‏,‏ ولا تشكو حالها لاحد سوي لربها‏,‏ وفي كل مره اذهب فيها اليها حاملا اليها بعض الماء اتعجب لاحتمالها لكل هذه الاهوال وبصبرها العظيم علي هذا الابتلاء حتي لادير وجهي عنها لكيلا تري دمعي‏..‏ وادعو الله العلي العظيم ان يرفع عنها هذا البلاء‏..‏ لقد كتبت اليك هذه الكلمات لعجزي عن ان افعل لهذه السيده المزيد وارجو ان تصل هذه الكلمات الي من بيده ان يرفع عنها بعض هذه المعاناه‏..‏ مع رجاء العلم بان هذه السيده تحتاج الي من ينتقل اليها لبحث حالتها‏..‏ لانها لاتقوي علي الخروج من شده الهزال وضعف الصحه وانعدام العنايه الطبيه‏.‏ والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته‏..‏
ولكاتب هذه الرساله اقول
قد وصلت الرساله بالفعل الي مالك الملك ومن بيده ملكوت كل شيء سبحانه فجرت مشيئته عز شانه بان ترجع الكهرباء الي المنزل المظلم المقبور‏..‏ والماء المقطوع الي الحديقه العطشي والاشجار الجافه والاصص الخابيه‏,‏ وتنفتح نوافذ هذا البيت المغلقه ويتجدد هواوه‏,‏ وتسترد سيدته دماء الصحه والعافيه بامر ربها ومشيئته وهو الرحيم العليم‏,‏ فلقد سمع الله جل في علاه نجوي هذه السيده لربها وهياك لنقل الرساله الي واكرمنا بتسخير بريد الجمعه لانفاذ مشيئته برعايه هذه السيده الوحيده والتكفل بامرها‏,‏ وتوفير الحياه الكريمه والرعايه الصحيه اللازمه لها‏,‏ ولسوف تزورك خلال ساعات الاخصائيه الاجتماعيه لبريد الجمعه لتصطحبها لزياره هذه السيده في بيتها وحل مشكلتها بما يحفظ عليها كرامتها ويقيها شر الحاجه ومذله السوال باذن الله‏..‏ فهي ممن عناهم الحق سبحانه وتعالي بقوله يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لايسالون الناس الحافا‏273‏ البقره‏.‏وهولاء هم الاحق بالرعايه والعطاء‏,‏ لانهم عاجزون نفسيا عن سوال الغير ولو كانت بهم خصاصه‏,‏ ولقد تعتصر الحاجه احدهم فلا يطيعه لسانه في الطلب‏,‏ او الشكوي لغير ربه‏,‏ ولهذا امرنا بان نتحري هولاء في مواقعهم وخلف استارهم التي يستترون وراءها بعوزهم عن الغير وبان نبادرهم بالعطاء بغير طلب ونترفق بهم ونشعرهم بحقهم علينا‏..‏ ونكفيهم مئونه السوال‏,‏ ونتحري حفظ كرامتهم والستر عليهم بما نقدمه لهم‏,‏ ولولا اني قد اردت ان يشاركني قراء هذا الباب في قصه هذه السيده ليستفيدوا بدروسها المولمه ويطلعوا علي وجه اخر من وجوه النفس البشريه الملغزه‏,‏ لما نشرت رسالتك هذه ولبادرت بارسال الاخصائيه الاجتماعيه اليك علي الفور بغير نشرها‏,‏ لكن كيف كان لنا ان نعلم عن النفس البشريه وشحها وبخلها وحساباتها الدنيويه الحقيره في بعض الاحيان ما علمناه من هذه القصه المحزنه لو كنت قد عزفت عن نشرها‏..‏لقد تحيرت طويلا في فهم الاسباب التي تدعو رجلا يشارك زوجته الحياه تحت سقف واحد وترضي هي بحياتها معه رغم حرمانها من الانجاب‏,‏ وبخله معها وتقتيره اليها‏,‏ لان يطلقها سرا ويتكتم عنها امر هذا الطلاق فلا تعلم به في حينه‏,‏ ثم يواصل حياته معها كزوجين يجمعهما فراش واحد‏,‏ وحياه مشتركه‏,‏ ويرضي هو لنفسه بهذا الوضع الاثم ويقبل بهذا الخفا علي زوجته متحملا عنها وزره الكامل لانها لاتعرف به ويعلم به ايضا اخوته فلا ينهونه عنه‏,‏ ولا يحثونه علي تصحيح وضعه الشائن ووضع هذه السيده الضحيه‏,‏ ولا يبرئون ذمتهم من اثم المشاركه بالصمت في خداع هذه السيده والقبول بالخنا لها ولاخيهم‏,‏ ثم يرحل عن الحياه فجاه فاذا بهولاء الاخوه يشهرون في وجه ارملته وثيقه طلاق عمرها ثلاث سنوات ويسعون لطردها من بيت اخيهم وحرمانها من ميراثه ومعاشه‏,‏ بغير ان يتوقف احدهم ويسائل نفسه‏:‏ كيف رضي بان يعلم عن اخيه انه يعاشر من تحرم عليه معاشرتها بغير ان يبرئ ذمته من اثمه بنصحه او علي الاقل باعلام هذه السيده بما علم به لتري رايها في حياتها معه‏,‏ ويبرا هو من حقها عليه؟‏..‏ واي شيء من متاع الحياه يستحق ان يشارك انسان اخاه بالصمت الشائن علي مثل هذا الدنس الذي ينكره الشرع والدين والقانون؟‏..‏ لقد فكرت طويلا في دوافع هذا الرجل لما فعل‏,‏ فلم اجد له تفسيرا سوي بخله الذي تمكن منه حتي صبغ نظرته الي كل شيء في الحياه بالصبغه الماديه الكريهه حتي ولو كان ذلك غفر الله له علي حساب الحق والعدل والفضائل الدينيه والاخلاقيه‏.‏هژںه¸–هœ°ه‌€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]فلقد كره الرجل ان تشاركه السيده التي تقاسمه حياته في شيء من املاكه او معاشه او ماله وهو علي قيد الحياه وبعد رحيله عنها‏,‏ وكره ان تنازع اخوته بعد وفاته في ملكيه البيت الذي يملكه ويبدو ان لاخوته نصيبا منه بالميراث عن الاب‏,‏ فطلق زوجته وتحايل علي عدم ابلاغها بذلك‏,‏ وتستر عليه في هذا الاثم الشائن اخوته طلبا لمتاع الدنيا الرخيص‏,‏ وواصل حياته معها في الدنس والاثم مقدرا فيما يبدو انه سيطول به العمر وقد ياتي الوقت الذي يراه هو مناسبا لاخراج هذه الزوجه من حياته بغير ان يتكبد دفع ايه حقوق ماديه لها لفوات المواعيد القانونيه للمطالبه بنفقه المتعه والنفقه الشرعيه وموخر الصداق‏,‏ فيكتفي بوحدته في المنزل والحديقه اللذين يكرس فيهما كل اهتمامه‏..‏ او لعله يستبدل بزوجته اخري اقل نفقه من سابقتها اذا رغب في ذلك‏,‏ فاذا بمكره يخيب واذا باقداره تسبق كل مكره وتدبيره ويرحل عن الحياه تاركا وراءه كل شيء للاخرين ومخلفا الزوجه التي عاشرها سنوات طوالا لاتدري اكانت ارملته ام مطلقته ولا تجد ماتواجه به الحياه‏,‏ وتعاني مما تشعر به من احساس غائر بالاثم لغدره بها ومعاشرته لها بغير زواج لثلاث سنوات قبل الوفاه‏..‏ وكل ذلك لكي لاتنازع اخوته في حصه محدوده من بيت صغير وحصه بائسه من معاش هزيل مهما بلغ قدره فاي اثم‏..‏ واي مكر حقير؟‏!‏يا الهي‏..‏ انني لم استطع حتي الان برغم خبره السنين ان افهم هذا التناقض الغريب بين ضن رجل كهذا الرجل علي زوجته بان ترث حقها المشروع في حاله بعد الرحيل مما يقطع بشحه وبخله الفاضح وعدم عدالته‏,‏ وبين هذا الاحساس العائلي المفترض فيه ان يكون من الفضائل بشرط العدل والذي يدفع مثل هذا الرجل لايثار اخوته بميراثه دون زوجته فهل يستطيع احد ان يفسر لي هذا التناقض الغريب بين المنع للزوجه والايثار للاخوه‏,‏ وهما نقيضان تناقض المنع والعطاء ولا يجتمعان في النفس الشحيحه الا نادرا؟‏..‏ ام تري ان هذا الرجل لم يكن يضع حتي اخوته في حساباته‏,‏ وكان مطمئنا الي الدنيا والي انه سوف يعمر طويلا فينفرد فيها دون زوجته والجميع بماله واملاكه الي ما لانهايه؟‏!‏فلندع اذن امره لخالقه‏,‏ ولنفكر معا في كيفيه تعويض هذه السيده المتعففه عما تعرضت له من عناء كاد يقضي عليها في وحدتها‏..‏ كما قضي من قبل علي اشجار حديقتها وزهورها ونباتاتها‏..‏ وشكرا علي رسالتك الكريمه هذه‏..‏ وارجو الله ان يجزيك عنها خيرا كثيرا في حياتك ومستقبلك باذن الله والسلام‏..‏

الجمعة، أكتوبر 2

الخطة الجهنمية

نشرت هذة الرسالة في يوم الجمعة 8- يناير 1999
انا شاب في الثامنه والعشرين من عمري‏..‏ اتابع باهتمام بريد الجمعه واستطيع ان اقول ان ما يقرب من‏80%‏ من خبرتي بالحياه قد اكتسبتها منه‏,‏ ولهذا فاني الجا اليك لالتمس منك الراي والمشوره في مشكلتي التي اقف امامها حائرا الان‏.‏ فلقد بدات القصه منذ اكثر من عام حين تعرفت بسيده متزوجه تكبرني بثماني سنوات ولها ابنه عمرها‏17‏ عاما‏,‏ ثم توثقت صلتي بها سريعا لظروف غياب زوجها المتكررحيث يضطره عمله للسفر لفترات طويله‏,‏ فاصبحنا نتحدث في التليفون لساعات طويله ونلتقي في الاماكن العامه ونتبادل احاديث الحب والهيام‏,‏ كما بدات ازورها في بيتها عند سفر زوجها‏,‏ وتكررت هذه الزيارات الي ان تخطينا كل الخطوط الحمراء واصبحت علاقتي بها كامله‏..‏ واستمر الحال علي هذا النحو بضعه شهور‏..‏ لم يعد لكل منا خلالها شاغل سوي الاخر‏,‏ واصبحت ازورها في بيتها كلما سافر زوجها وخلا البيت عليها في غياب ابنائها في مدارسهم وتزورني هي من حين لاخر في بيتي الذي اقيم فيه وحيدا بعد زواج كل اخوتي ورحيل ابي وامي منذ سنوات‏.‏الي ان جاء يوم وفوجئت بها تعرض علي خطه جهنميه‏,‏ تضمن لنا كما قالت استمرار علاقتنا بلا متاعب الي ابعد مدي‏,‏ وتجنبنا شكوك الاخرين في اسباب زياراتي المتكرره لها في بيتها او زياراتها لي‏..‏ اما هذه الخطه فهي ان ارتبط بابنتها ظاهريا‏..‏ وان تشجعها هي علي قبول الخطبه من ناحيه المبدا فتتسع امامنا الفرصه للاستمرار في علاقتنا الخاصه بلا مشاكل لعده سنوات لانها مازالت طالبه بالمرحله الثانويه‏..‏ وقد تنضج الفتاه خلال هذه السنوات وتتجه مشاعرها لزميل لها في الجامعه مثلا او تكتشف انني لست فتي احلامها لتعتذر عن عدم اتمام الخطبه والزواج فاتحلل من مشروع الارتباط بها ونفوز نحن وانا وامها ببضع سنوات من العلاقه الحميمه بلا متاعب او ظنون‏..‏ فاذا حدث العكس وتعلقت بي الفتاه ورغبت في استكمال المشوار معي الي نهايته فليس ثمه ما يمنع من ذلك‏,‏ علي ان تتوقف علاقتي بوالدتها عند هذا الحد وتقوم بيننا علاقه المصاهره‏!‏ انني اعرف انك تريد الان ان تمزق هذه الرساله وتلقي بها في سله المهملات وانت تلعنني لكني اناشدك ان تستمر في قراءتها حتي النهايه لعلك تجد في خاتمتها ما يخفف بعض غضبك عني‏..‏لقد الحت علي شريكتي بهذه الخطه‏..‏ وفكرت فيها بعض الوقت فلم ار مانعا من تنفيذها‏,‏ وكلفتها بان تمهد لي الطريق ففعلت‏,‏ وحدثت ابنتها عني‏,‏ وشجعتها علي الترحيب بي‏,‏ وانتظرنا مجئ ابيها من رحله عمل له‏..‏ وتقدمت اليه طالبا يد ابنته‏..‏ فتردد في البدايه في القبول بسبب صغر سن ابنته‏..‏ لكن شريكتي نجحت في ازاله تردده‏,‏ وايدت فكره الارتباط المبكر لابنتها بشاب ممتاز مثلي لكي يحميها هذا الارتباط من الاغراءات الكثيره التي تحيط بها نظرا لجمالها الملحوظ وغياب الاب معظم الاوقات‏..‏ وذكرت زوجها بانه قد خطبها وعمرها‏17‏ عاما مثل ابنتها وتزوجها وعمرها‏18‏ عاما‏..‏ فاقتنع الرجل بذلك واعلن موافقته بعد ان لمس من ابنته ترحيبها بهذا الارتباط‏.‏وبالفعل تمت قراءه الفاتحه ثم الخطبه واصبحت اتردد علي بيت شريكتي بلا حرج‏,‏ وازدادت فرص اللقاء بيننا كثيرا واصبح اتصالنا التليفوني بالساعات امرا علنيا ابدوه بالحديث مع الفتاه لبعض الوقت ثم تاخذ الام السماعه وتتحدث معي بحريتها وتدعوني للحضور او تطلب مني مقابلتها لشراء شئ في وسط المدينه الخ‏..‏ ولم الحظ اي شك من الفتاه في طبيعه علاقتي بامها‏..‏ ولاحظت علي العكس من ذلك انها سعيده بي وبالموده التي تجمع بيني وبين امها واخوتها وسعدت بذلك في البدايه وشعرت بان كل شئ يمضي كما هو مخطط له تماما‏,‏ لكني بدات اشعر فجاه بالذنب تجاه هذه الفتاه البريئه التي اشترك انا وامها في خداعها وبالندم علي ما تورطت فيه معها‏..‏ ومع امها علي السواء وبدلا من ان يستمر ابتهاجي بنجاح الخطه وجدت نفسي اشعر بالخوف الشديد مما سيحيق بي من غضب ربي لما فعلت وتدهورت اليه من علاقه اثمه مع شريكتي‏..‏ وبدات الهواجس تلاحقني وتفسد علي اوقاتي واعتراني الضيق والاكتئاب ولاحظت انني لم اعد اشعر بالمتعهالتي كنت اشعر بها مع والدتها من قبل‏..‏ وانما بالالم والضيق والذنب‏,‏ كما لاحظت ايضا انها قد اصبحت مهمومه معظم اوقاتها ولم تعد سعيده ومبتهجه دائما معي كما كانت من قبل ونهضت من نومي ذات ليله مفزوعا وانا اشعر كان احدا يخنقني‏,‏ فاستقر عزمي بعد تفكير طويل علي امر‏..‏ وتوجهت للقاء شريكتي وصارحتها بندمي علي ما وصلنا اليه معا ففوجئت بها تقول لي انها تشعر هي الاخري بنفس هذا الندم وتريد ان تفاتحني في ضروره التوقف عن الاستمرار في الخطا لانها لم تعد قادره علي مواصلته ولا سعيده به‏..‏ واسترحت كثيرا حين سمعت منها ذلك واتفقنا علي وقف اللقاءات الخاصه بيننا‏,‏ والاستمرار في العلاقه العائليه التي تجمعنا بصفتي خطيبا لابنتها وبصفتها اما لخطيبتي والتزمنا بهذا القرار وبدا كل منا يصلي ويستغفر الله كثيرا ويندم علي ما بدر منه‏,‏ واستمرت صلتي العلنيه باسره خطيبتي كما كانت من قبل واصبحت ادخل بيت الاسره وقد تحررت لاول مره من الاحساس بالاثم والخداع‏,‏ واصبحت شريكتي السابقه تقابلني بود واحترام ولا تتطرق الي اي احاديث خاصه بنا لكن هاجسا جديدا بدا يورقني وهو هل يحل لي الزواج من هذه الفتاه بعد خطئي مع امها ام لا‏..‏ وتحرجت من ان اسال احدا في ذلك خوفا من ان يكتشف الحقيقه‏..‏ وتوجهت الي دار الافتاء بسوال مكتوب عن جواز ارتباط شاب بفتاه سبق له ان اخطا مع امها وتوقف عن الخطا فجاءني الجواب بان الامام احمد بن حنبل قد حرم مثل هذا الزواج في حين اباحه الائمه الثلاثه الاخرون واخذت بالراي الاخير ومضيت في مشروع الزواج‏..‏ وبدانا نتحدث عن تحديد موعد قريب لعقد القران‏..‏ لكني وجدتني بالرغم من ذلك حائرا ومترددا ولا اعرف ماذا ينبغي لي ان افعل‏..‏ وهل ارتبط بهذه الفتاه للنهايه واتزوجها‏..‏ ام ابتعد عن هذه الاسره كلها خاصه ان امها كانت قد عرضت علي حتي بعد توقف العلاقه الخاصه بيننا ان تحصل من زوجها علي الطلاق وتتزوجني اذا رغبت انا في ذلك‏,‏ لكني رفضت هذا الاقتراح بشده لكيلا اصدم اسرتها وافرق ابناءها الذين ينعمون بحياه عائليه طبيعيه بالرغم من كل ما حدث‏.‏انني اعرف انني لست موضع احترامك الان بالمره لكني اثق انك لن تبخل علي بالرغم من ذلك بالراي السديد والمشوره ولعله يخفف من حنقك علي ان تعلم ان ما وصلت اليه من تقويم هذه السيده يستحق الاحترام بالفعل فلقد اصبحت تصلي وترتدي الملابس الطويله والمحتشمه وتغطي شعرها ولا تتحدث مع احد اطلاقا‏,‏ ونفس الشئ حدث ايضا للفتاه التي كانت علي وشك ان تتخذ نفس اتجاه الام قبل ارتباطي بها فعدلت مسار تفكيرها واصبحت ملتزمه ومحتشمه تماما‏.‏والان بماذا تنصحني ان افعل‏..‏ يا سيدي؟
: ولكاتب هذه الرساله اقول

لست اريد ان اخوض في نهر الفقه العميق لكي اناقش صحه ما اوردته في رسالتك من موقف الائمه الاربعه الاجلاء من مثل هذا الزواج المحاط بالشكوك والريب‏..‏ لكني اقول لك فقط انك قد اخطات في النقل عن فتوي دار الافتاء فيما قلته عن مواقفهم منه فلقد رجعت الي الفتوي رقم‏1164‏ من فتاوي دار الافتاء المصريه والصادره في عهد الامام الراحل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق يرحمه الله حين كان مفتيا للجمهوريه‏,‏ فوجدت الفتوي في مساله مشابهه تشير الي انه ليس ابن حنبل وحده رضي الله عنه هو الذي يحرم مثل هذا الزواج‏..‏ وانما يحرمه ايضا فقهاء المذهب الحنفي والثوري والاوزاعي‏,‏ حيث يثبتون لارتكاب الخطيئه مع الام ما يحرم بالمصاهره ويقولون ان من ارتكبها مع امراه فقد حرمت عليه امها وابنتها وجدتها وحرمت هي علي ابيه واجداده وان علوا وعلي ابنائه وان نزلوا‏,‏ في حين اجازه فقهاء الشافعيه والمالكيه علي كراهته اعتمادا علي انه لا يعتبر في التحريم بالمصاهره الا النكاح الحلال الذي لا شبهه فيه‏,‏ فاذا لم يكن كذلك لم تقع به حرمه المصاهره ولكن يكره مثل هذا النكاح ولا يندب اليه اي لا يكون مفضلا‏,‏ وبغض النظر عن اختلاف الائمه الاجلاء في هذا الامر وكل مصيب كما يقولون فاني اسالك عما يغريك بفتاه صغيره لم تبلغ الثامنه عشره من عمرها لكي تسعي للارتباط بها وقد اخطات من قبل مع امها‏..‏ ولم تكن خطبتك لها من البدايه سوي جزء من خطه جهنميه شائنه للتعميه علي علاقتك الاثمه بوالدتها؟ولماذا تصر علي مخالفه احكام العقل والاخلاق باستمرار وجودك في حياه هذه الفتاه الضحيه والظروف المعقده المحيطه بها قد تنذر باحتمال تجدد العلاقه بينك وبين امها في اي مرحله من العمر‏,‏ بدليل عرضها عليك حتي بعد خطبتك لابنتها وتوقف العلاقه الاثمه بينكما ان تحصل علي الطلاق من زوجها وتتزوجك؟الا يعني ذلك ان القصه الموسفه لم تنته كل فصولها بعد‏..‏ وان استمرار وجودك بالقرب من هذه السيده قد يحمل لك نذر تجددها في اي لحظه؟‏.‏ان الانسان ضعيف بطبعه امام الاغراءات‏..‏ والمثيرات ونداءات الغريزه والمغامره‏..‏ وسوابقك الاخلاقيه لا توحي بان استشعارك للندم او استشعار شريكتك له قد يكون كافيا الان او في المستقبل القريبلحمايه كل منكما من ضعفه تجاه الاخر الي ما لا نهايه‏..‏فلماذا اذن تضع نفسك وتضع هذه السيده موضع اختبار قد يدوم طوال ارتباطك بابنتها؟ ولماذا لا تنجو بنفسك من حقل الالغام الذي دخلته بقدميك فتحمي هذه الفتاه الصغيره مما ترشحها له انت وامها من عذاب كعذاب الاساطير الاغريقيه حين تكتشف ذات يوم ما كان من امركما معا‏..‏ او ما سوف يستجد منه في قادم الايام؟ولماذا ايضا لا تعين هذه السيده علي نفسها بالخروج نهائيا من حياتها‏,‏ وكفاك وكفاها اثما ما كان من امركما معا‏..‏ وما كان من امركما مع هذه الفتاه التي ارتضت لها امها لا سامحها الله ان تتخذها ستارا خادعا لعلاقتها بك‏,‏ حتي لو ادي ذلك الي استغلالها هذا الاستغلال الدنئ واللعب بعواطفها الغضه بغير شفقه لحساب اهوائها ونزواتها؟ يا الهي؟ ان من الحيوانات الثدييه من قد لا ترضي لفلذات اكبادها بهذا الاستغلال الدنئ‏,‏ فكيف يرضي به بعض البشر لثمرات قلوبهم؟ انني لن احدثك عن الحلال والحرام لانك تعرف جيدا كل ما يمكن ان يقال في ذلك ولكني ساقول لك فقط انه حتي في الخطا‏,‏ من الاخطاء ما قد يخفف من بعض وزره انه قد يراعي بعض القوانين الاخلاقيه دون بعضها فلا يضاعف مرتكبه من جرمه باستغلال الاخرين اسوا استغلال ولا يقترب في خطئه بالاذي ممن يامنون اليه ويعتمدون عليه ويثقون في اخلاص نياته تجاههم‏,‏ ومن الخطا كذلك مالا يراعي فيه مرتكبه اي قانون اخلاقي او حرمه لشئ او شفاعه لصله رحم او قرابه‏,‏ فكانما لا يري فيما يفعل الا نفسه ورغباته واهواءه مهما ترتب عليها من ايلام وايذاء للاخرين‏.‏ وخطا هذه السيده في حق ابنتها بوضعك في طريقها لكي تكون ستارا شائنا لعلاقتها الاثمه بك هو من هذا النوع الاخير الذي يضيف الي جرم الخطيئه‏,‏ خسه خداع اقرب الناس اليها واحقهم عليها بالحمايه من مثل هذا الخداع ولو ضحت هي في سبيل ذلك بكل اهداف الحياه‏.‏ولقد قلت مرارا ان الضمير الاخلاقي قد لا يمنعنا في بعض الاحيان من ارتكاب الخطايا‏..‏ لكنه يحرمنا بكل تاكيد من الاستمتاع بها‏,‏ وما حدث لك ولهذه السيده بعد تورطكما في خداع هذه الابنه‏..‏ ونجاح خطتكما الجهنميه في اضفاء الصيغه الملائمه علي وجودك في حياه هذه الاسره يوكد ذلك‏,‏ غير انني اصارحك بانني لا اطمئن كثيرا الي الاعتماد علي هذا الوازع الاخلاقي في علاقتك بهذه السيده‏..‏ اذا استمرت صلتك بابنتها وتطورت الي الزواج‏..‏ كما انني لا ارشح مثل هذا الزواج الذي لا احسب الا انك تتلمس الان الذرائع للنكوص عنه‏,‏ للنجاح والاستمرار بلا مشاكل محزنه‏..‏ واسبابي لذلك هي انك حتي ولو نجحت في الاستمرار في مقاومه نداء تجدد العلاقه بينك وبين هذه السيده‏,‏ فانك لن تنجو غالبا من موثرات هذه العلاقه السابقه عليك ورواسبها الاخلاقيه في اعماقك في علاقتك بهذه الفتاه في المستقبل‏..‏فلاشك انك رغم اعتزازك بما تقول انك قد نجحت فيه من تقويم هذه السيده‏.,‏ وتعديل مسار تفكير ابنتها التي كادت تمضي علي درب امها لولا جهدك المشكور في تقويمها‏!‏ اقول انك لاشك لا تخلو في اعماقك من بعض عدم الاطمئنان الي نوعيه القيم الاخلاقيه السائده في الوسط العائلي لهذه السيده وابنتها‏,‏ وانك لن تخلو فيما اتصور من بعض الهواجس والظنون في ان تكون لهذه القيم المتساهله بعض الاثر علي التزامها وسلوكها في المستقبل‏..‏ وحتي ولو كانت فتاه طيبه ولا غبار علي اخلاقياتها فانك قد تظلمها بهواجسك وشكوكك ورواسب علاقتك السابقه بامها‏..‏ وتساولاتك عما اذا كان لسوابق امها معك من اثر علي نظرتها للحياه واخلاقياتها في المستقبل‏..‏ فلماذا لا تحميها من كل ذلك‏..‏ وتدعها لشانها‏..‏ ولها من جمالها وصغر سنها ما قد يرشحها للارتباط بمن لا ينطوي لها علي شئ من مثل هذه الهواجس والظنون‏!‏ ولماذا لا تبتعد انت عن البوتقه التي تضطرم فيها نيران الشكوك؟‏..‏ واحتمالات تجدد العلاقه الاثمه مع الام‏..‏ واحتمال اطلاع الابنه علي علاقتك بامها‏..‏ واحتمال انفجار الموقف كله بفضيحه مدويه وانهيار اسره باكملها وتبدا حياه جديده ونظيفه وخاليه من كل الشوائب مع فتاه لا تربطك باسرتها مثل هذه الروابط المركبه والمعقده‏.‏انني لا اظن ان هذه الفتاه سوف تخسر الشئ الكثير بفقدها لك‏..‏ بل لعلي اقول انها ستربح نفسها وسعادتها في المستقبل اذا نجت من الارتباط بك ومن هذا الزواج الذي يحمل في ثناياه من عوامل الفشل والقلاقل والاضطراب اكثر مما يحمل من عوامل النجاح والاستقرار والامان‏.‏ولقد ركزت حديثي كله علي هذه الفتاه باعتبارها الضحيه الاولي للخداع البشع والخطط الجهنميه الاثمه من جانب امها‏..‏ وجانبك‏,‏ اما الضحيه الاخري لهذه القصه وهي والدها فحسابكما‏,‏ مع خالقكما‏,‏ لكن ابسط ما تستطيع ان تقدمه له الان اذا كان مازال لصوت الضمير من اثر عليك هو ان تختفي من حياه ابنته واسرته وعائلته‏..‏ عسي ان يرشحك ذلك مع صدق الندم وصحه العزم للتطهر مما جنيته عليه من قبل‏..‏ والسلام‏..‏

الجمعة، سبتمبر 25

بحر الكراهية

كتبت إليك منذ ثماني سنوات ولم تجد رسالتي فرصة النشر‏,‏ والآن أعاود الكتابة مرة أخري‏.‏ فأنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري تزوجت منذ‏21‏ عاما من إنسان توسمت فيه أن أجد لديه كل ما تمنيته في الرجل‏.‏ فلقد كانت طفولتي تعيسة للغاية فقد رحلت أمي عن الحياة وأنا طفلة لا يزيد عمرها علي عام ونصف العام‏,‏ وتقلبت بي الحياة بين أيدي ثماني زوجات أب كان لكل منهن أسلوبها معي ووجدت منهن ما جعلني أكره حياتي وأتطلع لمغادرة بيتي إلي بيت زوج يعوضني عما عانيته في حياتي من شقاء‏,‏ وتزوجت أول من طرق بابي‏,‏ واصطدمت بعد زواجي منه بشخصيته التي تختلف عن شخصيتي في كل شيء‏,‏ فهو من النوع العنيف الذي يعالج أموره بالضرب‏,‏ وكثيرا ما كان ضربا مبرحا يترك آثارا تستمر لعدة شهور علي وجهي وجسدي‏,‏ وفي خلال عامين أنجبت منه طفلين وأنا كارهة ومن أجلهما احتملت الحياة مع رجل لم أعد أطيق عشرته وأصبح وجوده في البيت كابوسا ثقيلا وكرهته كل الكرة‏,‏ فلم يكن بيننا ذات يوم حوار إلا وانتهي بالضرب والشتم والسب‏,‏ ولقد أصبحت أكره ملامح وجهه لم أعد أنظر إليها منذ‏15‏ عاما ولقد اضطررت‏,‏ وليسامحني الله في ذلك ـ أن أنفصل عنه وأنام في حجرة أطفالي منذ سنوات بعيدة لكني بالرغم من ذلك لم أكن أرفضه إذا دعاني‏,‏ وكانت هذه هي أكثر أوقاتي عذابا ومعاناة‏.‏ومضت السنوات بخيرها وشرها فلم أستطع العودة إلي حجرة نومي أبدا‏,‏ ولقد حاول هو كثيرا اعادتي إليها وفشل‏,‏ فاسلوبه لم يتغير والحياة معه حرمان من كل شيء‏,‏ وكلما طلبنا منه شيئا ضروريا تكون الإجابة هي الضرب‏,‏ وكلما ضربني كرهته أكثر حتي أصبح كرهي له بلا حدود‏,‏ ولم يكن لي خيار في استمرار الحياة معه‏,‏ فلقد كان من المستحيل أن أعود إلي بيت زوجة الأب مرة أخري‏,‏ وإمكاناتي لا تسمح لي بالعيش وتحمل مسئولية أبنائي‏,‏ ولقد كان من رحمة ربي بي أنه كان كثير السفر في عمله‏,‏ فصبرت علي حياتي معه حتي كبر أبنائي والتحقوا بالجامعة منذ عامين‏,‏ والكارثة الآن هي أن زوجي قد ترك العمل وتفرغ للجلوس في البيت وأنا لم أعد أتحمل وجوده المستمر فيه لكرهي الشديد له‏,‏ ولا أعرف لماذا لم يطلقني وقد طلبت منه الطلاق مليون مرة‏.‏ونوبات الاكتئاب لم تفارقني منذ زواجي‏,‏ وقد مرض زوجي أخيرا بمرض معد عن طريق الدم وأكد لي الطبيب ذلك‏,‏ وزوجي دائم الشجار معي لهجري له وأنا زوجة لا تستطيع أن تكون زوجة لكرهها الشديد لزوجها‏..‏ فماذا أفعل في مشاعر الكراهية هذه وهي لا حيلة لي فيها لأنها حصاد رحلة العمر المريرة‏.‏إنني أتمني أن أعيش مع أولادي وحدي وأن يتركني ذلك الرجل ويبحث لنفسه عن زوجة أخري‏,‏ فقد ضاع عمري معه في حياة خالية من كل معني ومن السعادة‏.‏الآن إلا في الانفصال عن زوجي لأنني لا أريد أن أراه أو أسمع صوته وأكره كل شيء فيه منذ‏15‏ عاما كاملة‏!‏وإنني أسألك يا سيدي‏:‏ أليس من حقي أن أحيا ما بقي لي من عمر بدون هذا الرجل فأتنفس الصعداء وأتخلص من الاكتئاب الذي يخيم علي حياتي؟‏!‏
‏««‏ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏»»‏
لا حصاد لمثل هذه العشرة السيئة إلا اختزان المرارة وترسبها في الأعماق وتحولها مع مر السنين إلي كراهية متأصلة لا يجدي معها نصح ولا حديث‏!‏إذ ماذا ينتظر العشير الذي لا يتفاهم مع شريكة الحياة إلا بالضرب المبرح الذي يترك آثارا علي الجسد والوجه لعدة شهور‏,‏ سوي أن تنطوي له زوجته علي ما يشبه الحقد المكظوم الذي ينتظر تغير الظروف لكي ينفجر في وجهه معبرا عن نفسه بلا حرج ولا تجمل؟لقد قلت من قبل إن بعض الزوجات قد تضطرهن ظروف الحياة والحرص علي مصلحة الابناء إلي احتمال عشرة شريك الحياة والصبر عليها إلي أن يشب الأبناء عن الطوق وتنتهي الحاجة المادية للزوج‏,‏ فتنفجر الكراهية المختزنة في أعماقهن طوال سنوات الصبر والاحتمال‏,‏ ويقوم حاجز نفسي منيع بين الزوجة وزوجها تفشل معه كل المحاولات فيعيش الزوجان تحت سقف واحد وقد تحولا إلي غريبين لا ينطوي أحدهما للآخر إلا علي أسوأ المشاعر‏,‏ أو تحتمي الزوجة ببيوت أبنائها رافضة اقتسام الحياة من جديد مع زوجها‏,‏ أو تصر الزوجة في بعض المضاعفات الشديدة علي الحصول علي الطلاق والانفراد بحياتها دون النظر لأي تبعات تترتب علي هذا الانفصال‏.‏ولا عجب في ذلك إذ ماذا ينتظر العشير ـ زوجا كان أو زوجة ـ من شريك الحياة إذا هو قهر إرادته بالحاجة ومصلحة الأبناء سنوات طوالا حين يتحرر الشريك من هذا القيد بنمو الأبناء ويسترد قدرته علي الاختيار‏.‏لقد شرع الله سبحانه وتعالي الخلع للمرأة التي تعجز عن احتمال عشرة زوجها لكراهيتها الشديدة له حتي ولو لم تنكر عليه خلقا ولا دينا فرخص لها بأن ترد عليه ما سبق أن أدي إليها من مال وتختلع منه‏.‏ولقد روي لنا الاثر تلك القصة المعروفة عن امرأة ثابت بن قيس التي شكت إلي الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه أنها تكره زوجها كراهية شديدة وإن لم تكن تنكر عليه شيئا من خلقه أو دينه فأمرها أن ترد عليه ما أخذته منه وأمره بأن يطلقها كما روي لنا الأثر أيضا أن الرسول الكريم‏,‏ صلوات الله وسلامه عليه ـ قد رق قلبه لرجل انفصل عن زوجته وهو راغب فيها فذهب إليها الرسول يحدثها في عودتها إليه فسألته علي استحياء‏:‏ هل جاء شافعا أم آمرا؟ فأجابها بأنه انما جاءها شافعا وليس آمرا‏,‏ فأجابته‏:‏ اذن فلا أعود‏!‏ فلم يرغمها الرسول الكريم علي ما لا تريده ولم يتهمها في دينها ولا في طاعتها لربها ولرسوله‏.‏لكن المشكلة لا تتمثل في حقك في أن تتنفسي الصعداء بعد سنوات الصبر والاحتمال وأن تعيشي مع أبنائك بغير زوجك‏,‏ وإنما المشكلة هي كيف يتحقق لك ذلك وأنت بلا مال ولا إمكانات لتوفير المأوي الكريم لك بعد الانفصال‏,‏ كما أن زوجك ليس قادرا فيما يبدو لي من أحواله علي أن يوفر لك ولأبنائك مسكنا مستقلا ويتزوج هو ممن ترضي بمشاركته الحياة في مسكن الزوجية‏,‏ فما العمل اذن‏!‏ هل نطالبه كما تحلم بذلك بعض الزوجات الكارهات بأن يتلطف الزوج المكروه بالاختفاء من حياة زوجته وأبنائه ويخلي لهم مأواه الوحيد ويبحث لنفسه عن غرفة في أي مكان ليعيش فيها وحيدا عليلا ما بقي له من عمر لأن زوجته تكرهه أشد الكراهية ومع استمراره في الإنفاق علي ساكني الجنة التي طرد منها بغفلته وقسوته وسوء عشرته لزوجته؟وهل يقبل زوجك بهذا الحلم الحسير الذي يراودك ويراود مثيلاتك من الزوجات الكارهات؟لقد أخطأ زوجك في حقك كثيرا وزرع بذور كرهك له في أعماقك علي مر السنين‏,‏ ولكن ألا تستطيعين ما دمت غير قادة علي أي حل آخر أن تغالبي نفسك وتحاولي النظر إلي وجهه الذي كففت عن مجرد النظر اليه طوال السنوات الماضية بنظرة جديدة خالية من مرارات الماضي وذكرياته ان المرض المعدي الذي حدثتني عنه يقدم الاطباء بحقن الزوجة ومخالطي المريض بمصل يقيهم خطر العدوي منه‏.‏ وزوجات كثيرات يخالطن أزواجهن المرضي بهذا المرض بغير خوف من العدوي بعد المصل؟ فهل فكرت في التحصين ضده؟وألا تحاولين ما دمت عاجزة عن أي بديل آخر تحييد مشاعرك تجاه زوجك بما يخفف عنك بعض عناء الحياة ويعينك علي مواصلة أداء رسالتك مع أبنائك بغير أن تعرضيهم للمتاعب؟إن الحب لا يشتري ولا يباع وإنما هو شعلة ذاتية الاشتعال تتطلب دائما رعايتها والحرص عليها لكي ينمو ويستمر لهبها عاليا ويصمد لرياح الحياة‏,‏ ولهذا فلست أطالبك ـ وأنت من تحملين لزوجك كل هذه الكراهية ـ بحبه أو الوقوع في غرامه بعد كل ما جري منه لكني أطالبك فقط بمحاولة تحييد مشاعرك تجاهه‏..‏ ومحاولة نسيان مرارات الماضي‏,‏ رفقا بك أنت وبحالتك النفسية وجهازك العصبي قبل أي شيء آخر‏,‏ فهل تستطيعين ذلك لكي تخففي عنك ثقل الأيام؟

الجمعة، يوليو 24

قبل البداية‏

أرجو أن يتسع صدرك لما سوف أرويه لك وأطلب منك المشورة فيه فأنا فتاة في السابعة والعشرين من العمر‏..‏ وأواجه مشكلة لابد لكي تعرف جذورها أن أروي لك القصة من البداية‏..‏ أو علي الأصح من قبل البداية وقبل أن أجيء إلي الحياة‏,‏ فلقد تزوجت أمي وهي في التاسعة عشرة من عمرها من شاب من أصل ريفي كان يعمل بمدينتنا‏,‏ وسعدت أمي بزواجها منه بالرغم من صغر سنها‏..‏ غير أن سعادتها به لم تطل كثيرا فلقد مضي عامان من الزواج بغير أن تنجب وراح أبي ينغص عليها حياتها ويحملها مسئولية ذلك‏,‏ ثم أذن الله لها بعد ذلك بالحمل وتوقعت هي أن تنتهي متاعبها بالحمل والولادة لكن الأقدار خيبت ظنها‏,‏ فلقد وضعت حملها فإذا به أنثي‏,‏ وأبي يريد لنفسه ولدا يحمل اسمه ويخلد ذكره في الدنيا‏,‏ كما قال لها ومن ثم فإنه لم يفرح بالمولودة الجديدة‏,‏ وازداد إساءة لأمي وتنغيصا لحياتها‏,‏ وبعد عامين آخرين جئت أنا للحياة فكنت ـعلي حد قول أبي لأمي وقتهاـ المصيبة الثانية التي ابتلي بها بعد مصيبته الأولي‏,‏ وكثرت مشاجراته مع أمي ومعايرته لها بعدم إنجاب الولد وتجهمت الحياة في وجه أمي‏..‏ لكنها لم تيأس ـبالرغم من ذلكـ من تكرار المحاولة علي أمل أن تحقق لزوجها أمله‏..‏ وتستقر حياتها معه بلا أكدار وحملت مرة ثالثة‏..‏ ووضعت حملها بعد عام ونصف العام من مولدي‏,‏ فإذا به بنتة ثالثة‏..‏ فكان ذلك هو نهاية القصة بالنسبة لأبي‏..‏ وما إن علم بنوع المولود الجديد حتي ترك أمي في المستشفي وحيدة وأرسل إليها‏,‏ وهي مازالت في ضعف الولادة‏,‏ بورقة الطلاق‏..‏ فبكت حتي جف دمعها كما روت لنا‏..‏ وخرجت من المستشفي إلي بيت أهلها تحمل رضيعتها علي ذراعيها‏..‏ ولم نجد نحن من يرعانا بعد ذلك سوي أخوالي وأهل أمي‏..‏ وبعد فترة ليست طويلة راح أخوالي يضغطون علي أمي للزواج مرة أخري لأنها مازالت صغيرة السن‏,‏ وقبلت أمي تحت هذا الضغط بالزواج من قريب لها‏..‏ واقترنت به بالفعل وانتقلنا للحياة معها ومعه فلم تمض بضعة شهور حتي كانت قد حملت للمرة الرابعة‏,‏ ووضعت حملها فإذا به ـياسبحان اللهـ ولدان توءم‏!‏ بدلا من ولد واحد‏..‏ وسعدت أمي بهذين الولدين كثيرا واختلط مرحها بهما بالأسي علي ما لقيته في حياتها السابقة من ظلم أبي لها واتهامه لها بعدم إنجاب الذكور‏,‏ ومعاقبته لها علي ذلك بالطلاق‏,‏ ومضت الحياة بنا وتقدمنا في مراحل العمر‏,‏ وكلما روت لنا أمي شيئا جديدا عما لاقته من أبي خلال زواجها الأول‏,‏ ازداد كرهنا له‏,‏ خاصة أنا‏,‏ حتي لقد تمنيت ذات يوم لو استطعت أن أغير اسمي في كل أوراقي الرسمية لكيلا أحمل اسمه‏..‏ وبالرغم من عطف زوج أمي علينا ورعايته الأمينة لنا إلا أن ذلك لم يعوضنا أبدا عن ذلك الشيء الجوهري الذي فقدناه ونحن صغار‏,‏ حين فقدنا الأب وافتقدنا وجوده في حياتنا ونهوضه بمسئوليته عنا‏,‏ ومضت بنا الأيام وتقدم لأختي الكبري شاب ناجح وتزوجته‏.‏ وجاء الدور علي كما يقولون فرفضت الزواج نهائيا‏,‏ لأنني قد كرهت الرجال في شخص أبي ولم أعد أتصور أن يضمني بيت واحد مع أحدهم‏..‏ ورحت أرفض الخطاب واحدا بعد الآخر دون أسباب واضحة‏,‏ حتي اضطرت أمي بعد أن يئست مني إلي تزويج أختي الصغري التي كانت تؤجل زواجها إلي ما بعد زواجي‏,‏ ورحت أنا أبحث عن سبب لما فعله بنا أبي فلم أجد له عذرا من الناحية الدينية ولا من الناحية العلمية‏,‏ فلقد قرأت للإمام الراحل الشيخ الشعراوي أنه في الوقت الذي كانت فيه الدنيا كلها تتهم النساء بأنهن مسئولات عن إنجاب الإناث دون الذكور جاء القرآن فأكد أن الله سبحانه وتعالي قد خلق الرجال والنساء من نطفة الرجل وأنه لا دخل للمرأة في ذلك‏,‏ ثم جاء العلم الحديث فأكد أن تحديد النوع يأتي من جانب الرجل وليس المرأة‏..‏ فلم أجد بعد ذلك أي عذر لأبي فيما فعل بأمنا وبنا ورحت أدعو الله عليه في صلواتي ليلا ونهارا‏..‏ وآمل أن يصيبه دعائي حيث يكون لأننا لا نعلم أين هو ولا إذا كان حيا أم ميتا‏..‏ فهل أنا مخطئة في كراهيتي هذه لأبي‏..‏ وفي كراهيتي لجنس الرجال ورفضي للزواج‏..‏ إنني أرجوك أن تناشد كل الرجال ألا يظلموا زوجاتهم وبناتهم لكيلا يحكموا عليهن بالتعاسة والشقاء طوال العمر‏.‏
‏ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏
كان الفيلسوف البريطاني برتراند راسل يقول‏,‏ انه لكي تعيش سعيدا في حياتك عليك أن تحسن اختيار أجدادك‏,‏ وبالرغم من السخرية الواضحة في هذه العبارة‏,‏ فإن مدلولها العلمي صحيح وهو أن الكثير من سماتنا الجسدية والنفسية تحددها العوامل الوراثية التي تسجننا إلي حد كبير في سجن الجسد‏,‏ الذي نولد به‏,‏ وسجن الطبع الذي يتشكل من العوامل النفسية الوراثية والعوامل المكتسبة من بيئتنا العائلية وتجاربنا الشخصية ويبدو أننا مطالبون كذلك لكي نحيا حياتنا في سعادة أن نحسن أيضا اختيار آبائنا وأمهاتنا وأن نختار لأنفسنا طفولة سعيدة آمنة ترشحنا لمواجهة الحياة بتكوين نفسي سليم واستعداد طبيعي للسعادة‏.‏ولاننا لا نستطيع للأسف اختيار أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا وطفولتنا‏,‏ فإن مسئولية الآباء والأمهات عن توفير هذه الطفولة السعيدة لابنائهم تظل دائما هي خير ما يقدمونه لابنائهم من عطايا وخير ما يرشحونهم به للحياة السوية الآمنة في المستقبل‏.‏وحالك خير مثال علي ذلك يا آنستي‏,‏ فأنت تدفعين الآن ثمنا غاليا بسوء تقدير أبيك وجهله بحقائق الحياة ونقوصه عن الرضا باقداره وتقاعسه عن تحمل مسئوليته الإنسانية عن بناته‏,‏ ولقد تفتحت مداركك للحياة وأنت تنطوين في أعماقك علي أسوأ ما ينطوي عليه طفل في طفولته وهو إحساسه الباطني بأنه عبء ثقيل علي الحياة وأحد أسباب شقاء أمه أو أبيه بحياته بدلا من أن يشب وبداخله الإحساس السليم بأنه هبة الأقدار الغالية لأبويه‏,‏ وموضع الاعزاز والحب الغامر من كليهما‏.‏ولقد كان من المكن أن ينحسر أثر هذا الإحساس المؤلم عليك إلي أقصي حد ممكن لو لم تكن والدتك قد أسرفت في تنبيه هذا الإحساس لديك ولدي اختيك‏,‏ والإسراف في رواية ذكريات مأساتها الشخصية مع أبيكن‏,‏ وتعميق إحساسكن بأثر النوع علي تحطم حياتها الزوجية الأولي‏,‏ والتركيز علي عمق الجرح الذي خلفه هذا الأب الجاحد في حياتها وحياة بناتها‏,‏ إذ تفاعلت كل هذه المؤثرات مع إحساسك المؤلم بأفتقاد الأب الراعي المسئول عن بناته في حياتك وفقدان التعبير وأثرت علي تشكيل نظرتك السلبية للرجال والزواج‏,‏ وتحول الرجل في أعماقك إلي رمز لقهر الانثي وإيلامها والتخلي عنها ورغبت في عقلك الباطن في تجنب التعرض لهذا القهر الذي لمست أثره المؤلم علي حياة والدتك وحياتك وحياة أختيك فنفرت من جنس الرجال وأصبح الزواج لديك قرينا لتعرض الانثي للإيذاء المعنوي والقهر والشقاء‏.‏ولقد علمتنا تجربة الحياة أن الابناء حين يكونون شهداء علي التعاسة الزوجية لأبويهم‏,‏ فإنهم يتفاعلون مع ما يشهدون عليه من شقاء سلبا وإيجابا فيورثهم في بعض الأحيان مثل هذا الأثر السلبي‏,‏ الذي يعجزون معه عن التفاعل السليم مع مؤثرات الحياة أو يورثهم في أحيان أخري الرغبة الحارة في السعادة الشخصية في حياتهم الخاصة والتمسك بما حرموا منه في طفولتهم وصباهم من أسبابها والحرص علي أن يجنبوا ابناءهم مرارة التعاسة والخوف من المستقبل التي تجرعوها هم في حياتهم‏.‏ولقد اختارت لك الأقدار هذا الأثر السلبي دون الآثار الأخري وتعمق لديك الإحساس بالخوف من أن تتعرضي في المستقبل لقهر الرجل الذي تعرضت له أمك في الماضي مع أن تجربتها الثانية في الزواج قد نجحت وحققت لها ولكن الأمان والاستقرار‏,‏ فلماذا ثبتت عيناك علي تجربتها الأولي مع أبيك وحده؟ ولماذا لم تجد تجربتها الثانية في الوفاق الزوجي ما ينبغي أن يكون لها من أثر ايجابي علي رؤيتك للرجل والزواج؟ ولماذا أيضا لا تأملين في تكرار تجربتي شقيقتيك في الزواج السعيد والتعامل مع صنف آخر من الرجال؟إن الأمر علي أية حال لم يخرج بعد عن نطاق السيطرة ومن الممكن دائما أن يعدل الإنسان من أفكاره الخاطئة في أي مرحلة من العمر بمراجعة هذه الأفكار واختبار منطقيتها وبالحوار الهاديء العقلاني مع النفس‏.‏فإذا سلمت بينك وبين نفسك‏,‏ بأنه لا ذنب لأحد في ضيق أفق والدك ولا في تخليه عن مسئولية بناته‏,‏ وأدركت أن البشر جميعا ليسوا أشباه متماثلين في أفكارهم ورؤيتهم للحياة‏,,‏ واسترجعت ما قاله الأديب والشاعر الألماني جوته من أنه يندر أن تجد بين أوراق الشجر ورقتين متماثلتين تمام التماثل‏,‏ ويندر أيضا أن تجد بين البشر اثنين تتفق آراؤهما وأساليب تكفيرهما تمام الاتفاق‏,‏ إذن لأدركت أنه لا يمكن أبدا تعميم حكم سليم علي كل الرجال أو كل النساء اعتمادا علي تجربتنا الشخصية مع واحد منهم أو واحدة منهن‏,‏ أو حتي مع بعض هؤلاء وهؤلاء‏.‏فضعي الأمور في نصابها الصحيح‏,‏ وتخلصي من خوفك المرضي من الرجال والزواج ولو تطلب ذلك الاستعانة بخبرة الطبيب النفسي‏,‏ وتعاملي مع الحياة بالإيمان الصحيح بخيريتها‏,‏ بالرغم مما يزعجنا من بعض مظاهر الشر فيها‏,‏ ولسوف ترشحين نفسك بذلك للتفاعل الايجابي معها ولخوض تجربتك الشخصية فيها والابتهاج بها‏.‏

الجمعة، يوليو 3

الوداع الاخير

هذه هي المرة الثانية التي أكتب إليك فيها‏..‏ فقد كانت المرة الأولي في عام‏1984,‏ وكنت استشيرك في رأي معين عن خطيبي وكانت خلاصة ردك علي حينها هو أنه من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر‏,‏ وبناء علي هذا الرأي تزوجت خطيبي وعشنا معا حياة طيبة فيها ككل حياة الحلو والمر‏,‏ وأكرمني الله سبحانه وتعالي بإنجاب ثلاثة أبناء‏,‏ الأكبر كان المفترض أن يكون الآن في الصف الثاني الثانوي والابنة الوسطي في الصف الثاني الاعدادي والابن الأصغر في الصف الثالث الابتدائي‏,‏ كما أكرمني ربي بحياة كريمة مع زوجي وشقة تمليك وسيارة للأسرة ومبلغ لا بأس به في البنك وأكتملت السعادة بشراء شقة في الساحل الشمالي‏.‏وبلغ ابني الأكبر الخامسة عشرة من عمره‏..‏ وامتاز دائما بالأخلاق الحسنة وجمال الخلقة وبأنه أيضا عبقري في الكمبيوتر وكثير القراءة والإطلاع‏,‏ ومنذ أكثر من شهرين طلب ابني هذا منا السماح له بالسفر مع ثلاثة من أصدقائه لقضاء يومي الخميس والجمعة في شقة الساحل الشمالي‏..‏ ورفضنا ذلك‏,‏ خوفا عليه‏,‏ لكنه ألح علينا بطلبه بحجة توديع الصيف الوداع الأخير‏..‏ قبل انتهائه والتهيؤ للعام الدراسي الجديد فوافقنا علي مضض‏,‏ وسافر ابني مع أصدقائه وهم في مثل عمره‏,‏ وأمضوا الليل في الشقة وصباح يوم الجمعة ذهبوا إلي الشاطيء للاستحمام‏,‏ وكان الموج عاليا في ذلك اليوم‏..‏ فتعرض ابني وأصدقاؤه لخطر الغرق وعجزوا عن العودة للشاطيء‏..‏ وتشبثوا ببعض الصخور ثم استطاع ابني أن ينجو ويخرج إلي الشاطيء ليستنجد بالناس لإنقاذ أصدقائه لكننا كنا في نهاية الصيف وليس بالشاطيء أحد من المنقذين‏..‏ فرجع إلي البحر مرة أخري لمحاولة إنقاذ أصدقائه‏..‏ وكان اثنان منهم يحتميان بالصخور الموجودة في البحر‏..‏ والثالث يغطس ويقب فاقدا القدرة علي المقاومة‏,‏ فذهب ابني إليه لينقذه لأنه يجيد السباحة لكن القدر أراد له غير ذلك‏,‏ فغرق ابني وصديقه ونجا الآخران‏..‏ وأبلغوني بالخبر فلم أقل سوي‏:‏ اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه‏,‏ وظل ابني في البحر يومي الجمعة والسبت وأخرجوه يوم الأحد بعد أن وجدوه محشورا بين الصخور‏,‏ وتم إخراج صديقه ودفن كل منهما في مقابر أسرته‏.‏ولقد كتبت لك هذه المرة لأطلب منك أن تدعو لي الله سبحانه وتعالي بمزيد من الصبر لأني والحمد لله يملأني الصبر والإيمان ولا بأس بالاستزادة منهما‏..‏ وهذا قضاء الله وقدره ونحن نسلم به‏,‏ بل إني سأذكر لك فضل موت ابني علي وعلي زوجي‏,‏ فإني سيدة في الثامنة والثلاثين من عمري ولقد كنت أحافظ دائما علي الصلاة لكني لم أكن أواظب علي صلاة الفجر‏,‏ وبعد رحيل ابني حرصت كل الحرص علي صلاة الفجر حاضرا في ميعاده والدعاء لابني الراحل ولأبنائي وزوجي ونفسي‏,‏ أما زوجي الذي يبلغ من العمر‏50‏ عاما وفيه كل الصفات الطيبة من كرم وأخلاق حميدة ووفاء بالعهد والوعد‏,‏ فقد كان‏,‏ وبالرغم من كل محاولاتي السابقة معه‏,‏ لا يؤدي إلا صلاة الجمعة فقط‏,‏ ومنذ وفاة ابننا أصبح يحافظ علي جميع الصلوات في مواعيدها وهكذا نظرت إلي وفاة ابني بالرغم من حزني الشديد ودموعي الغزيرة التي تنهمر عليه‏..‏ فشكرت الله سبحانه وتعالي علي كل حال‏..‏ وقلت لعله الخير الذي لا أعلمه‏,‏ ولعل هذه هي الرحمة الكبيرة من عند الله لكننا لا نعلمها‏,‏ وزوجي يشاركني هذا الصبر وهذا الإيمان ونحن الاثنين نحتسب هذا الابن الغالي عند الله‏..‏ فهو لنا في الجنة ولسوف نذهب إليه حين يجيء الميعاد وأدعو الله عز وجل أن يعوضني في مصيبتي ويخلفني خيرا منها ويبارك لي في أولادي الباقين ويجعلهم من السعداء والمنتفعين بالصحة والعافية‏..‏ وفي نهاية رسالتي أعرفك بأنني وزوجي سنذهب للعمرة وقضاء العشر الأواخر من رمضان في الأراضي الحجازية ولسوف نسعد بزيارة بيت الله الحرام وبزيارة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم‏,‏ ولك التحية من أم صابرة مؤمنة بقضاء الله‏..‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏
ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:
‏دعيني أروي لك ياسيدتي قصة زاهد البصة مالك بن دينار ورؤياه التي حفظتها لنا كتب التراث لعلها تخفف عنك بعض أحزانك‏,‏ فلقد روي الرواة أنه قبل أن يختار طريق الصلاح والزهد والورع‏,‏ كان في شبابه شرطيا يصيب من الخطايا مايصيبه غيره من البشر‏,‏ ثم تزوج وأنجب طفلة جميلة فتعلق بها تعلقا شديدا وبدأ يفكر في أن يصلح نفسه من أجلها وقبل أن يفعل ذلك اختطف ملاك الموت الطفلة الصغيرة وعمرها عامان‏..‏ فحزن عليها حزنا شديدا‏..‏ وانغمس فيما كان يفعل أكثر من ذي قبل‏..‏ إلي أن نام ذات ليلة مخمورا فرأي في نومه وكأن القيامة قد قامت وسيق الناس وهو منهم إلي ربهم‏..‏ فسمع خلفه زفيرا كفحيح الأفعي‏,‏ وإذا بتنين ضخم يرسل الموت من عينيه الحمراوين وقد فتح فاه وجاء إليه مسرعا ليلتقمه فحاول الفرار منه جاهدا والتنين يلاحقه ويكاد يطبق عليه‏,‏ ونظر حوله مستغيثا فرأي شيخا ضعيفا فاستنجد به ان ينقذه من الوحش الذي يطارده فاعتذر له الرجل بضعفه وشيخوخته‏..‏ ونصحه بالفرار إلي الجبل‏,‏ فجد في الهرب إليه والتنين يلاحقه‏,‏ فإذا بطفله صغيرة تقفز من شقوق الجبل وتمد يدها الصغيرة إليه فترفعه إليها‏..‏ وتمد يدها هي الأخري إلي التنين العظيم فتبطش به فيولي هاربا‏,‏ ويتطلع إليها الرجل مبهور الأنفاس فيراها طفلته الصغيرة الحبيبة تنظر إليه في عطف وعتاب ثم تقول له‏:‏ ياأبتي ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق‏.‏فيبكي بين يديها نادما ويسألها عن هذا التنين الذي أراد هلاكه وذاك الشيخ الضعيف الذي عجز عن إنقاذه فتجيبه بأن التنين الضخم هو عمله السوء‏..‏ والشيخ الضعيف هو عمله الصالح‏,‏ ولقد أضعفه فضعف عن أن يجيره‏..‏ ولولا ان كانت له طفلة قد أحبها وافتقدها حين رحلت عن الحياة لما وجد من ينقذه من سوء المصير‏.‏فكانت هذه الرؤيا هي فصل الخطاب في حياته‏,‏ فأقسم ليرجعن القوة والشباب الي ذلك الشيخ الضعيف حتي إذا استجار به في قادم الأيام أجاره وأنقذه مما يتهدده‏,‏ ومضي الي حلقة سيد البقية من التابعين في زمنه وهو الحسن البصري بالمسجد فإذا بالشيخ يتلو الآية الكريمة‏:‏ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق ويفسرها للحاضرين فأرتجت الأرض من تحته وأدرك أنه وضع قدميه علي أول الطريق‏.‏وتاب علي يدي الشيخ الجليل توبة صادقة ولزمه‏,‏ وراح يردد دائما شعار الشيخ الذي يقول الآن قبل ألا يكون آن ويجتهد في الطاعات وتحصيل العلم ليكفر عن الخطايا قبل فوات الأوان‏,‏ وقال إنه قد علم من فعل الشيخ وقوله أن حقيقة الدين هي كبرياء النفس علي شرها وظلمها وشهواتها‏,‏ وان هذه الكبرياء القاتلة للإثم هي أخت الشجاعة القاتلة للعدو‏,‏ وكما يفخر الرجل الشجاع بما بلغه من الشجاعة‏..‏ يفخر الرجل المؤمن بما بلغه من الإيمان‏,‏ وماخشوع القلب إلا هذه الكبرياء بعينها‏..‏ فهل تحتاجين ياسيدتي إلي نفسير لمغزي هذه القصة ؟لا أحسب ذلك‏,‏ فالحق ان الله سبحانه وتعالي أكرم من أن يضيع عنده الإحسان‏,‏ ولقد أحسنت الامتثال لقضاء الله وقدره وتقبلت تصاريفه بقلب صادق الإيمان ونفس صابرة‏..‏ وزدت الشيخ القوي قوة وشبابا بصبرك واحتسابك وعملك الصالح‏,‏ وحرصك علي فروض دينك‏..‏ كما أن من كان لك في الدنيا سرورا قد أصبح لك في الآخرة أجرا عظيما وظهيرا قويا يرد عنك يد التنين إذا حاولت المساس بك ويراغم الملائكة ألا يدخل الجنة إلا وأبواه معه كما جاء في الأثر‏,‏ فإذا كانت النفس تجزع لفراق ثمرات القلوب ويهتف القلب مع الشاعر العربي‏:‏اقره عيني لو فدي الحي ميتافديتك بالحوباء أول من يفديفإن عزاء كل ثاكل حزين هو ماينتظره عند ربه من جزاء المحتسبين الصابرين‏..‏ وماينزل عليه سبحانه وتعالي من سكينة القلب وسلام النفس ويعوضه به ربه من خير عميم في نفسه وأبنائه وأسرته بإذن الله‏.‏

الجمعة، يونيو 19

عشرة عمر

أعرف أن قصتى غريبة ويندر حدوثها لكنها الحقيقة المرة التى أعيشها والتى أريد لنفسى مخرجا منها ، فمنذ 11 عاما تزوجت من زميل لى عقب تخرجنا من الجامعة وبعد قصة حب عنيفة توجها الله بالزواج ومنذ اليوم الأول من زواجنا كنت لزوجى الحبيب الزوجة والأخت والأم التى تحنو على طفلها المدلل وكان اتفاقنا منذ البداية هو أن نسرع بالإنجاب لأن زوجى يحب الأطفال ويتلهف على الإنجاب ، وطرت فرحا حين حملت فى عامى الأول من الزواج لكنى أجهضت بعد قليل دون سبب معروف وحاولت أن أكرر الحمل مرة أخرى فلم يأذن الله لى به ولم تنجح جهود الأطباء فى تحقيق أملى وأمل زوجى ، وسلمت أمرى إلى من بيده أمر كل شىء وتفرغت لزوجى ولعملى كمدرسة وحرصت دائما على أن أجعل من عشى الصغير واحة يستريح فيها زوجى وينعم فيها بحبى وحنانى وطاعتى له فى كل الأمور وسعد زوجى بحياته معى .. وتخلص قلبى من هواجسه بشأن لهفة زوجى على الإنجاب .ثم فوجئت به ذات يوم يفاتحنى برغبته فى أن يتزوج مرة ثانية لكى ينجب الطفل الذى ينتظره وأنه يريد أن يتزوج الأخرى التى لم يقع اختياره عليها بعد فى نفس شقة الزوجية التى تضمنا معا لأنه غير قادر على إيجاد شقة أخرى ، وصعقت حين سمعت ذلك وبكيت حتى جفت دموعى ورفضت بالطبع .. لكنه بعد قليل استطاع أن يقنعنى بقبول المبدأ وبعد فترة أخرى استطاع أن يقنعنى بأن تعيش معنا فى نفس الشقة بسبب ظروفه وبصفة مؤقتة إلى أن يستطيع أن يحل مشكلة الشقة .. ووافقت مرغمة .. ولم يكن لى طلب عنده سوى أن يتعهد لى أمام صديق حميم له بألا يسىء معاملتى بعد زواجه ! وجئنا بهذا الصديق ورويت له قصتى والعهد الذى أطالب بأن يشهد عليه فاستنكر ذلك وخاطبه قائلا : إذا كانت ظروفك لا تسمح لك بإيجاد شقة أخرى فزوجتك لا ذنب لها فى ذلك وليس من الرحمة أن تحملها هذا العناء ، أفهمت ؟ فتنفست الصعداء وزالت الغشاوة عن عينى وتمسكت بألا يتزوج فى شقتى واتفقنا على أن يبحث عن زوجة لها شقة ليقيم معها بعيدا عنى على أن يعدل بيننا فتذكر فتاة تقيم مع والدها ووالدتها فى شقة بمنزل أسرته ولم تتزوج بعد وسألنى عن رأيى فيها فشجعته على التقدم لخطبتها وتقدم إليها فعلا وتمت الخطبة وتزوجها فى شقة أبيها .. وغاب عنى أيام العسل الأولى فعرفت لأول مرة فى حياتى معنى الألم والإحساس بالقهر والمرارة وأمضيت اليومين الأولين فى الفراش لا أنام ولا أستطيع أن أغادره .. ثم فجأة أنزل الله على سكينته وقررت أن أواجه الأمر الواقع بهدوء فسألت نفسى : هل أريد الطلاق منه ؟ لا ، ألا أسعد باللحظات التى يعيشها معى وقد قبلت من الأصل مبدأ زواجه لكى ينجب طفلا أنا عاجزة عن إنجابه ؟ نعم ، إذن لا معنى للمعاناة والألم وضياع الوقت ، ونهضت فجأة من فراشى وقد تولانى نشاط غريب فقمت بتنظيف الشقة وإعادة ترتيبها وغيرت مواقع بعض قطع الأثاث فيها لتكتسب شكلا جديدا ثم خرجت فاشتريت لنفسى بعض الملابس الجديدة وعدت وارتديتها ليعود زوجى فيجدنى فى أجمل صورة وجاء زوجى بعد ساعات ففوجئ بمنظرى وبشكل البيت وبروحى الودود ومرت لحظات الحرج الأولى كما تمر كل الأزمات وعشنا أيامنا بطريقة عادية لا اختلاف فيها سوى أنى تعودت تدريجيا على أن أقضى ليلة وحيدة كل ليلتين ، وعشنا على هذا الحال فى هدوء لكن الزوجة الجديدة لم تحمل بعد عام من زواجها ، واكتشف زوجى أن بها عيبا عضويا يمنعها للأسف من الحمل والإنجاب فطاف بها على الأطباء دون أى أمل فى العلاج ولم يحتمل حدة طباع أمها التى تقيم معها فطلقها يائسا وعاد للتفرغ لى .. ومضى عام سعيد فى حياتنا قدرت خلاله أنه قد رضى بنصيبه من الحياة بعد أن جرب الزواج مرة أخرى ولم يكتب له الله الإنجاب ، لكن تقديرى خاب مرة ثانية فقد بدأ يفكر فى الزواج ، ورفضت مرة ثانية وطالبته بأن يتحمل قدره كما أتحمله أنا فى صبر فلم يستجب وصمم على رأيه فوافقته على الزواج واتفقنا على أن يتزوج هذه المرة من سيدة سبق لها الإنجاب ليتأكد من قدرتها على تحقيق أمله وبدأ يبحث عن زوجة .. وكانت لى زميلة بالمدرسة التى أعمل بها أرملة ولها طفلان وأستريح إليها فعرضت عليها أن تتزوجه فدهشت لهذا الطلب الغريب ورفضت مناقشته لكنى ألححت عليها بأن تفكر فيه على مهل .. فوعدتنى إشفاقا علىّ وبعد أيام سألتها عن رأيها .. ومازلت بها حتى وافقت على الفكرة لكن أهلها هم الذين رفضوا أن تتزوج من رجل له زوجة أخرى ! ثم عرض عليه صديق له أن يتزوج من سيدة مطلقة لها طفل ولها شقة فتقدم لها زوجى ورحب به أهلها واعتبروا إبقاءه علىّ وحرصه على استمرارى كزوجة له رغم عدم إنجابى دليلا على طيب عنصره ، ولأنه سوف يتزوج فى شقتها .. فقد قدم لها مهرا قدره 5 آلاف جنيه مقابل الشقة ، وتم الزواج وقمت أنا بعمل البوفيه الخاص بالفرح !وشغلت نفسى خلال أيام العسل كالعادة بإعادة ترتيب شقتى وتجميلها وشراء ملابس جديدة ليجدنى عند عودته كما يحب أن يرانى .وتحقق أمل زوجى هذه المرة سريعا فقد حملت زوجته من الشهر الأول وفرح بذلك فرحة طاغية لكنه للأسف لم يهنأ بفرحته طويلا فقد بدأت زوجته بعد حملها تكلفه ما لا يطيقه .. وبدأت تطالبه بشقة أخرى غير شقتها وبدأت طباعها تسوء معه يوما بعد يوم حتى لم يعد يطيق البقاء معها ويعود إلىّ حزينا ، ثم ازداد غضبه منها ومن أسرتها مع تصاعد الخلافات فانقطع عن الذهاب إليها نهائيا منذ ثمانية شهور ، وأنجبت زوجته مولودها فلم يذهب زوجى لرؤية طفله الذى تلهف عليه طوال السنوات الماضية واتصلت هى بشقيقه بعد عشرين يوما من الولادة لتبلغه بالخبر فلم يذهب زوجى إليها رغم ذلك وأرسل شقيقه نيابة عنه وانقطعت أخبارهم عنه عند هذا الحد .وحتى الآن لم ير زوجى ابنه لهذا فقد ساءت حالته النفسية جدا وأصبح يثور لأتفه الأسباب .. واحتملته وحاولت التخفيف عنه وعاملته كما كنت أعامله منذ زواجى به كزوجة وأخت وأم ، ولكنه للأسف تغير كثيرا وأصبح جامد المشاعر وفى حالة غريبة من اللامبالاة لا يهتم بى إذا بكيت ولا يعلق بشىء إذا تصرفت أى تصرف ، ولقد حاولت مرارا أن أعيده إلى طبيعته المرحة وإلى شخصيته الحقيقية ففشلت وبدأت أفتقد حبه وحنانه .. وليت الأمر توقف عند هذا الحد ، فلقد بدأ زوجى يفكر مرة ثالثة فى الزواج لكى ينجب طفلا يقوم على تربيته بنفسه لأنه قرر أن يطلق الأخرى ويشعر أنها سوف تحرمه من ابنه وحجته فى ذلك أن " الشرع قال أربعة " وأنه لا يفعل ما يغضب الله .لكنى أرفض بشدة هذه المرة أن يتزوج ويكفينى ما عانيته من قبل من زواجه مرتين وما سببه لى من آلام نفسية .. لكن المشكلة أنى فى نفس الوقت لا أطيق الحياة بدونه لأنه عشرة عمرى - فماذا أفعل .. وماذا أقول له ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
قولى له يا سيدتى " لم أرك عدلت " ولا تخشى شيئا !! فلقد قالها من قبل أعرابى جلف لسيد الخلق أجمعين وأعدل من حكم بين الناس من البشر فلم يبطش به ولم يزد عن أن قال له متعجبا : " ومن يعدل إن لم أعدل أنا ؟ "أما زوجك فلم يعدل معك برغبته فى أن يتزوج للمرة الثالثة بعد زواجكما الذى توج قصة حب طويلة ، فهذا أمر لا جدال فيه ، فإننا حتى لو تفهمنا رغبته فى الزواج من أخرى لكى ينجب .. وفهمنا قبولك بذلك إدراكا لحاجته للإنجاب وتمسكا بمن تحبين ولو تعاليت على آلامك ، فلقد تزوج يا سيدتى مرة فلم ينجب ، وتزوج مرة ثانية فأنجب لكنه لم يسعد بمن أنجبت له ولم يتحمس لرؤية طفله الذى كان يتلهف عليه والذى عرضك لهذه المحنة من أجله مرتين .. فماذا يريد أكثر من ذلك ؟ ، ومن يدريه أنه سوف يوفق للإنجاب من الثالثة ، وأنه لن يشقى بها كما شقى بالأخرى فلا يتلهف لرؤية طفله منها إذا كتب له الله الإنجاب مرة ثانية ؟وأين يجد كل هؤلاء السيدات اللاتى يقبلن به وهو زوج لزوجة محبة ومخلصة ومتفانية فى إسعاده وفى الحرص عليه مثلك ؟ وإلى متى سوف يتوقع منك أن تعارضيه قليلا فى البداية ثم تمنحيه موافقتك راضية أو غير راضية لأنك مغلوبة على أمرك معه !وإلى متى سوف يتوقع منك أن تنهضى وأنت مذبوحة من الألم لإعداد بوفيه الفرح ، ثم لإعادة ترتيب الشقة وشراء ملابس جديدة لكى تتجملى فى انتظاره بعد كل زفاف .إن الحرص على " عشرة العمر " يجب أن يكون متكافئا بين الطرفين وليس من طرف واحد وإلا صار هوانا ومذلة !فإذا كان من حقه أن يتطلع لإنجاب طفل ينشأ بينه وبين زوجته فإن من حقك بكل تأكيد أن تحجبى عنه موافقتك على الزواج ، وأن تطالبيه بالانفصال إذا أصر عليه ولن تظلميه إذا فعلت فلقد أنجب فعلا ولا يستطيع أن يشبع عاطفة الأبوة فى طفله ولو كان فى حضانة أمه ، وأغلب ظنى أنه لو لمس منك قدرة حقيقية على الرفض ومغالبة نفسك على قبول الانفصال عنه لتردد ألف مرة فى أن يضحى بك وبعطائك السخى له من أجل أمل فى علم الغيب ولو أنصف لفعل .. ولرضى بحسن اختيار الله له ولم يعدل به بديلا ، أما إن لم يفعل فسوف تكتشفين بعد قليل أنك قادرة على الحياة بعده ، وربما مع غيره ، وسوف يكتشف هو أن السعادة كانت بين يديه لكنه أضاعها بتطلع الإنسان الدائم إلى ما ليس بين يديه ، وآفة الإنسان الشره .أما حجة " إن الشرع قد قال أربعة " هذه العبارة المعروفة ، فهى حجة يرددها كثيرون بغير فهم ويعطون بها انطباعا خاطئا يسيئون به إلى الشرع حين يصورون الأمر وكأن الأصل هو تعدد الزوجات والاستثناء هو الاكتفاء بواحدة ! فى حين إن تعدد الزوجات " رخصة " وليس " دعوة " إلى الزواج بأكثر من واحدة أو أمرا بذلك ، وليرجع من يفتون بغير علم إلى كتب الفقه ليتأكدوا من ذلك وأقربها مثالا لمن يريد كتاب فقه السنة لفضيلة الشيخ سيد سابق الذى يقول فى ص 250 من الجزء الثانى أن : " تعدد الزوجات ليس واجبا ولا مندوبا " أى ليس واجبا ولا مستحبا ، إذ أن عبارة الأمر المندوب فى الشرع هى : الأمر المستحب ( المعجم الوسيط ص 946 ) .وليرجعوا أيضا إلى كتاب " بيان إلى الناس من الأزهر الشريف " الذى يقول بالنص فى ص 230 الجزء الثانى : " إنه ليس أمرا واجبا بل مباحا يتوقف على حاجة الرجل إليه وقدرته عليه ".. كل ذلك بالإضافة إلى تقييده بشرط العدل ، العدل الذى يضيق دائرته إلى أقصى الحدود ، وبحق الزوجة فى أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها وبحقها فى طلب الانفصال عنه إذا فعل .فما هى حاجة زوجك إلى الزواج للمرة الثالثة بعدك ؟

رحلة النجاح